مطرانية الكاثوليك تحذر النازحون يدمرون البنية اللبنانية


صدر عن مطرانية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك
إن الأزمات الاقتصادية والمعيشية والسياسية التي تتفاقم يوماً بعد يوم وتزداد نتائجها الكارثية على كل الأصعدة تدفعنا مرة جديدة لرفع الصوت عاليا، علَّ استغاثات الأطفال والأرامل والفقراء، الذين يعانون الجوع والمرض والبرد، ونداءاتهم تصل إلى آذان المسؤولين وأصحاب القرار كي يبادروا إلى معالجة المشاكل وإنقاذ لبنان من أخطار مدمرة باتت تهدد كيانه وشعبه. من هذا المنطلق نعلن ما يلي:
1- إن الانهيار المتواصل في سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه العملات الأجنبية بفعل عوامل اقتصادية ومالية، ونتيجة مضاربات وألاعيب شيطانية خبيثة، يضع فئات واسعة من اللبنانيين، كانت تعيش حالة من الاكتفاء، بين براثن الفقر والعوز والحاجة. فليس سهلاً أو مقبولاً، لا إنسانياً ولا دينياً ولا أخلاقياً، أن يستيقظ إنسان بين يوم وآخر ليجد رواتبه ومداخيله ومدخراته وقد تآكلت وتبخرت، ويشاهد بالمقابل مجموعات من الفاسدين والسارقين يتنعمون بما سرقوا ونهبوا ولا من حسيب أو رقيب. إن تلكؤ المسؤولين أو تعمدهم عدم القيام بواجباتهم منذ انفجار الأزمات في 17 تشرين الأول 2019، وما تبع ذلك من انفجار رهيب في مرفأ بيروت، وتركهم الناس يتخبطون في مآسيهم، يضعهم أمام المساءلة ليس تجاه ضمائرهم التي ربما تكون في حالة سبات عميق، بل أمام الله في يوم الحساب.
2- إن عدم انتخاب رئيس للجمهورية نتيجة الخلافات العميقة بين مكونات المجلس النيابي بات يطرح الكثير من الأسئلة حول المشاريع المشبوهة والنوايا الخبيثة التي بدأت تباشيرها والتي يمكن أن تهدد وحدة الأرض والشعب والمستقبل والمصير. إننا وفي ظل التطورات الكبيرة والمتسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتي يمكن أن تنتج توازنات وتحالفات جديدة، ندعو القادة والمسؤولين، بكل انتماءاتهم السياسية والحزبية والطائفية والمناطقية، إلى التلاقي والحوار الصريح والبنَاء لمعالجة كيفية عيش اللبنانيين مع بعضهم على قاعدة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات وبعيداً عن كل مشاريع التسلّط والهيمنة والاستئثار والتفرد. فلبنان يمكن أن يحضن جميع أبنائه من كل الطوائف والمذاهب ولا يمكن أن يكون لفئة أو لجماعة أو أن يقسّم بين الجماعات والطوائف.
3- إن موضوع النازحين السوريين الذي بات مدمرا للبنية اللبنانية يدفعنا إلى تحذير المسؤولين اللبنانيين وسفراء الدول الكبرى، وتحديداً سفراء الدول الأوروبية، من نتائج التلكؤ عن معالجة هذا الموضوع حاضراً ومستقبلاً. فالظروف السيئة جداً الناتجة عن وجود النازحين سيكون لها تداعيات وأزمات اجتماعية وديموغرافية واقتصادية ونفسية خطيرة جداً تحتم المسارعة لإعادتهم إلى بلداتهم وقراهم داخل الأراضي السورية حيث يمكن أن يعيشوا بسلام في بلادهم. إن عدم معالجة موضوع النزوح السوري بأسرع وقت ممكن يخفي مخططات ومشاريع دولية مشبوهة يمكن أن تهدد لبنان وبقاءه دولة موحدة مستقلة وذات سيادة.
4- مقابل الضغوط الدولية لإبقاء النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان نشاهد نزفاً بشرياً يعيشه المجتمع اللبناني حيث تتفاقم ظاهرة الهجرة فتفرغ مدن وقرى من خيرة شبابها وعائلاتها. ولأن الطبيعة تكره الفراغ فمن الطبيعي أن يملأ النازحون واللاجئون هذه المناطق السكنية فيغيَرون هويتها وعاداتها وتقاليدها. وإذا كان المسيحيون هم الأكثر تأثراً بظاهرة الهجرة، لأسباب ديموغرافية، فإن هذه الظاهرة لم توفر بتداعياتها طائفة أو منطقة. ومن المؤسف والمحزن أن يترافق الحديث عن إبقاء النازحين واللاجئين في لبنان مع عمليات مشبوهة لتغيير الهوية الطائفية لبعض المناطق مستغلة الأزمات المالية والمعيشية.
إننا نصلي مع كل المؤمنين كي يلهم الله القادة والمسؤولين، وأن يوقظ ضمائرهم، ليعملوا بإخلاص من أجل هذا الوطن الغالي ومن أجل مستقبل أبنائه، لأن السفينة إذا ما غرقت لن توفرهم أمواج البحر العاتية.