أبرز ما تناولته صحف اليوم الثلاثاء ١٣ كانون الاول ٢٠٢٢

 
أبرز ما تناولته صحف اليوم الثلاثاء ١٣ كانون الاول ٢٠٢٢

كتبت النهار

ليست غزوة، ولا اجتياحاً، ولا عدواناً، ولا شيء من تلك العبارات المضخمة التي تثير الغرائز وتدفع الى مواجهات بين أبناء الوطن الواحد.

هي حادثة قد يكون وراءها "زعران"، أو أحزاب أو سرايا، أو حتى أجهزة أمنية تتبع الأحزاب، أو حتى الدولة، إذ عندما تُسدّ الآفاق السياسية، يتم غالباً اللجوء الى الشارع، عبر رسائل رمزية تعيد تحريك المياه الراكدة. والتلاعب بالأمن في لبنان أمر اعتدناه منذ زمن، وهو يجري أحياناً كثيرة بأيادٍ خارجية، إذ كثيراً ما نشطت أجهزة الاستخبارات (والقتل) في ما اعتُبر "الساحة" اللبنانية.

ولوضع الحادثة في إطارها الطبيعي، ان شباناً على دراجات نارية اقتحموا ساحة ساسين، من دون أن تُعرف هويتهم، وأطلقوا الهتافات، فواجههم أهل المنطقة، وأشبعوا بعضهم ضرباً. حادث عادي في لبنان المقسم كانتونات طائفية ومذهبية وحزبية، رغم الوحدة الظاهرة القائمة.

قديماً كنا نتحدث عن دويلة داخل الدولة. وغالباً ما كان يشار الى "حزب الله" في هذا الاطار، علماً أن كل الاحزاب والميليشيات أقامت دويلاتها، لكنها تراجعت وسلّمت سلاحها بعد اتفاق الطائف، في ما عدا "حزب الله". اليوم بتنا نتحدث عن الدولة داخل الدويلة، بعدما تمدد نفوذ الأحزاب والطوائف، الى كل ناحية ودائرة وإدارة ومؤسسة في الدولة الآخذة بالتفكك يوماً بعد آخر.

قرأت الكثير من التعليقات عن حادثة الاشرفية، وكتبت إعلامية في "الميادين" أن إسرائيل و"القوات" في الأشرفية فقط لم يحتفلا بفوز المغرب، ولم تكن على ضمير، ولا على إطلاع، إذ تناقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية احتفالات اليهود المغاربة في إسرائيل بالفوز رافعين أعلام بلادهم الاصلية الى جانب العلم الاسرئيلي. وثاني الأخطاء أن ثمة "قواتيين" وأبناء من الأشرفية هللوا لفوز المغرب أيضاً، وانحياز الناس الى فريق دون آخر، ليس طائفياً ومذهبياً، اذ ينقسم كثيرون بين فرنسا والبرازيل وايطاليا والارجنتين، وهي كلها دول من لون طائفي واحد.

وقرأت في مكان آخر أحدهم يسأل: "وهل شعار الله اكبر مستفز لأهل الأشرفية؟"، ويتهم آخر "جنود الرب" بالاثارة الطائفية ضد المسلمين.

لا أعلم من هم "جنود الرب". اسمع عنهم من دون معطيات دقيقة وواضحة. لكن هؤلاء ليسوا إلا نسخة عما هو موجود في بقية المناطق من تشوّهات تقودها الطوائف والأحزاب حماية لمصالحها ومناطق نفوذها.

صحيح أن عبارة "الله اكبر" تعبّر عن ايمان كل التوحيديين بعظمة الله، لكن استعمال الشعارات في غير مكانها وزمانها، يصبح مثيراً للريبة والشك، ومحرّضاً على الفتنة. ان صوت المؤذن، وجرس الكنيسة، يدعوان الى الصلاة لأمرٌ ممتع، لكن متى زادت قوة الصوت عن حدّها تصبح ازعاجاً. والمسحراتي في ذاته لذيذ ولطيف، لكنه في أحياء ليس فيها مسلمون، يصبح عملاً استفزازياً. الأمور تقاس بخواتيمها، وبالطريقة التي تنفّذ من خلالها.

وقبل توزيع التهم والشتائم والإدانات عبر وسائل التواصل، لا بد من طرح أسئلة، ستبقى ربما، من دون إجابات لكنها تضيء في داخل كل منا على عمق الأزمة اللبنانية: بعيداً من الاشرفية، ماذا كان ليحصل لو توجه رتل من الدراجات النارية من الضاحية الجنوبية لبيروت الى الطريق الجديدة للاحتفال؟! وماذا يحصل بين أهالي العاقورة واليمونة؟ وماذا حصل في التبانة وجبل محسن؟ وماذا حصل في عين الرمانة – الشياح؟

ما حصل في الأشرفية يعبّر عن واقع الحال، والمزايدون يكتشفون كذبهم متى وقفوا يواجهون حقيقتهم أمام المرآة.