ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ٢٩ كانون الاول ٢٠٢٢


كتبت النهار

ينتهي العام الحالي والبلاد تعاني من ازمة الشغور الرئاسي المفتوح، ومعه ازمة الحكومة غير المكتملة الاوصاف، وأخيرا وليس أخرا الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية الممتدة منذ ٢٠١٩. فالشغور الذي هو صنيعة القوى المحلية التي لا تعرف حدودا للتلاعب بالنصوص الدستورية في محاولة لتطويعها تارة لخدمة مشروع كبير يهدف الى نسف الصيغة اللبنانية وضرب مداميك البناء الوطني اللبناني والعمل على تأسيس نظام قيم مناقض تماما لمعنى لبنان الذي نريد، وطورا لاشباع شبق البعض للسلطة حتى لو كانت هذه مجرد سلطة مفرغة من معناها الحقيقي وغالبا ما تكون في ظل الهيمنة القائمة في البلد مجرد فولكلور سلطوي محلي في مضمونه ومراميه، ولا هدف له سوى تجميع المكاسب الصغيرة. من هنا نرى ان للشغور الرئاسي الذي نخشى ان يمتد لوقت طويل خلال العام المقبل مصدرين واضحي المعالم يصبان في الاتجاه نفسه ويخدمان بعضهما البعض من دون ان يحمل احدهما هم الضرر الكبير الذي يتسبب به. هذا واقع يشير الى ان الأطراف الداخليين بمن فيهم الطرف المهيمن المحسوب على قوة إقليمية كبرى عاجزون عن انتاج رئيس جديد للجمهورية يكون مقبولا. طبعا الطرفان مخربان احدهما افقه إقليمي، والثاني افقه محلي بلدي لا بل زقاقي.
 
بناء على الشغور الرئاسي يستحيل للبنان ان تكون له في المدى المنظور حكومة حقيقية، منبثقة من توازنات مجلس نواب ٢٠٢٢، و بالتالي يستحيل التفكير في الخوض في معالجات جدية للازمات التي تعصف بالبلاد. فإذا كان موقع رئاسة الجمهورية أساس بناء المؤسسات الدستورية في الدولة ،فإن الحكومة هي عماد المؤسسات التي تتجمع عندها السلطة التنفيذية . و مع ان حكومة تصريف الاعمال الحالية تزعم انها تتصدى للازمة بما اوتيت من إمكانات ،فأن القاصي والداني يعرف ان الحكومة الحالية عاجزة و شبه معطلة لاسباب عدة، أولا انها حكومة تفتقد ادنى معايير الكفاءة، والأهم انها لا تمتلك إرادة سياسية جدية لوضع برنامج انقاذي حقيقي والمباشرة بتطبيقه. ان حكومة تصريف الاعمال هي حكومة الترقيع على جميع المستويات، وهي بسبب منحاها التسووي المبالغ فيه ضعيفة و يتحكم فيها الطرف المهيمن. اما الباقون ففي خدمة "الشريك" المهمين. لذا ما لم يكن للبنان رئيس جديد للجمهورية مختلف عمن سبقوه و متحرر من اثقال الفساد العام، والارتهان للحالة المافيوية المليشيوية المتحكمة بالبلاد، فلا امل بتشكيل حكومة يرئسها شخص يتمتع بالمواصفات عينها، وتكون حقا حكومة لبنان الجديد.

ماذا عن الازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية ؟ ثمة من يزعم ان اللبنانيين يتعايشون مع الازمة، ويبني مقاربته على مشاهد الحياة الليلية في فترة الصيف والأعياد، لكن يغيب عن البال انه يستحيل اختصار لبنان ببضعة آلاف من اللبنانيين الذين يعيشون تحت أضواء البذخ ويتصدرون صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. هؤلاء لبنانيون لكنهم ليسوا اللبنانيين وحقا ليسوا لبنان. انهم قلة تمتلك الإمكانات المادية في حين ان كثرة من اللبنانيين ويعدون بالملايين قابعون في منازلهم . هؤلاء لا احد يراهم، ولا اثر لحياتهم القاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي. عن هؤلاء يجب ان نسأل. انهم أكثرية اللبنانيين. عالقون في لبنان، انهم افقر من ان يغادروا، واعجز من ان يحلموا بالعيش فوق خط الفقر. و المأساة ان الطاقم الحاكم لا يبالي بهم .فهو لا يراهم. انهم اشباح لا بل اموات.