وفاة الأسطورة البرازيلية بيليه عن 82 عاما


غيّب الموت أسطورة الكرة العالمية، البرازيلي ادسون ارانتيس دو ناسيمنتو “بيليه”، اليوم، عن عمر ناهز (82) عاما، بعد صراع طويل مع المرض، حسب ما أعلنت عائلته منذ قليل بمستشفى البيرت اينشتاين، حيث كان يعالج من مرض السرطان.
وأكدت ابنته كيلي ناسيمنتو، على إنستغرام، رحيل اللاعب الوحيد الذي فاز بكأس العالم ثلاث مرات. وقالت “نحبك بلا حدود، ارقد في سلام”.
وعاش بيليه نجما في سماء كرة القدم العالمية ورقما صعبا في تاريخ اللعبة، وأيقونتها الشعبية الأولى، صنفه الاتحاد الدولي لكرة القدم /FIFA/ بأنه الأعظم في تاريخها لما قام به، وما كان يمثله من إلهام لكل لاعبي الكرة في العالم.
وعلى الرغم من العصر الذي لعب فيه بيليه الملقب بـ “الملك” في ملاعب العالم، فإن أيقونة المهارات في كرة القدم، استطاع أن يرسم خيالا لما يمكن أن يتم داخل المستطيل الأخضر من مهارات وفنون اللعبة، بعد أن أظهر مهارة فريدة جعلته صانع أفراح البرازيل وهو يقودها لثلاثة ألقاب في كأس العالم لكرة القدم أعوام (1958 و1962 و1970).
ويُعد بيليه اللاعب الوحيد الذي عانق المجد في كرة القدم بالفوز بالمونديال ثلاث مرات ليخط مسارا صعبا لمن يحاول من اللاعبين تقليده في المستقبل، بعد أن تميز بقدرات فنية وبدنية عالية استعصت على أجيال وأجيال في كرة القدم، وما زالت تستحيل على لاعبي كرة القدم في العالم.
وسجل بيليه الذي بدأ في فريق سانتوس البرازيلي، (77) هدفا مع منتخب بلاده، في (92) مباراة خاضها بشعار المنتخب، كما دون اسمه في سجلات ناديه أفضل هداف برصيد (643) هدفا، في (659) مباراة.
وتوج الاتحاد الدولي لكرة القدم بيليه عام 1999 بلقب أعظم لاعب في القرن العشرين، كما أنه كان من بين أكثر الشخصيات الرياضية نجاحا وشعبية في القرن العشرين.. وجرت تسميته رياضي القرن من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، وإدراجه في قائمة صحيفة التايمز لأهم 100 شخصية في القرن العشرين.
وفي عام 2000، جرى التصويت لبيليه كأفضل لاعب في العالم من قبل الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاء كرة القدم (IFFHS)، وكان أحد الفائزين المشتركين بجائزة لاعب القرن من /فيفا/.. وسجل في (1363) مباراة لعبها، بما في ذلك المباريات الودية، كأرقام قياسية سجلت في موسوعة الأرقام القياسية.
وفاز بيليه بجائزة الكرة الذهبية من “فرانس فوتبول” سبع مرات في أعوام (1958، 1959، 1960، 1961، 1963، 1964، 1970)، واستطاع النجم البرازيلي الشهير أن يشكل وجودا حقيقيا للموهبة الفطرية في كرة القدم، حيث لعب في زمن كانت فيه كرة القدم صعبة لمن لا مهارة له ولا قدرات، فقام بتطوير مهاراته مع ناديه البرازيلي، ثم مع منتخب بلاده، لدرجة جعلته يحدث الفارق كلما ارتفع مستوى زملائه اللاعبين إلى ما يقارب قدراته في الملعب، فتفوق بذلك، وحقق النجاح كأسطورة حقيقية تعد مرجعا لكل اللاعبين.

وعانى بيليه الذي توقف عن كرة القدم في عام (1977) من الكثير من المشكلات الصحية عقب توقفه عن لعب كرة القدم، غير أنه ظل يتلقى العلاجات، ويعود أيقونة في كرة القدم تحظى باهتمام العالم في كل مناسبة رياضية على مستوى البرازيل، أو بطولات كأس العالم.
ولم يغب اللاعب عن الأذهان الرياضية وملأت سيرته الأفق، وتعرفت العديد من الأجيال إلى إبداعاته، من خلال التوثيق لأهدافه ومهاراته في كرة القدم مع منتخب بلاده وناديه سانتوس، كما لم يغب بيليه عن الأحداث الرياضية، وظل متابعا على وسائل التواصل الاجتماعي لكل الأحداث والبطولات ومتفاعلا معها.
وخلال نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022 وجه بيليه الشكر لقطر ولجمهور كرة القدم لرسائل الدعم التي تلقاها إثر دخوله المستشفى في البرازيل.
وعلى حسابه الشخصي على منصة انستغرام نشر بيليه وقتها ، صورة لبرجين مضيئين في الدوحة مكتوب على أحدهما “نتمنى لك الشفاء العاجل” ويحمل الآخر صورته، وكتب تحتها :” شكرًا لقطر على هذه اللفتة ولكل من يبعث مشاعر إيجابية”.
وقبل دخوله المستشفى، إثر تدهور حالته الصحية مؤخرا، قدم بيليه التهنئة للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بالفوز بكأس العالم FIFA قطر 2022، بعد الفوز على نظيره الفرنسي بركلات الترجيح (4 – 2 ) في النهائي، عقب التعادل بثلاثة أهداف لكل منهما في الوقتين الأصلي والإضافي، على استاد لوسيل في الثامن عشر من هذا الشهر، وكتب بيليه، عبر حسابه على إنستجرام في منشور مرفق بصورة ميسي يحمل الكأس محاطا بزملائه: “تواصل كرة القدم في إخبار قصتها، كما دائما بطريقة آسرة. فاز ميسي بلقبه الأول في كأس العالم، لأن مسيرته تستحق ذلك.. هنيئا للأرجنتين. دييغو (مارادونا) يبتسم الآن”.
كما أشاد بيليه بالفرنسي كيليان مبابي الذي بات ثاني لاعب فقط في التاريخ يسجل هاتريك (ثلاثية) في نهائي المونديال، بعد الإنجليزي جيف هيرست في (1966)، وكتب “صديقي العزيز مبابي، تسجيل أربعة أهداف في النهائي (بالإضافة إلى محاولته في ركلات الترجيح). يا لها من نعمة أن نشاهد هذا العرض لمستقبل رياضتنا”.
ولم ينسَ بيليه المنتخب المغربي الذي بات أول منتخب إفريقي يتأهل إلى نصف النهائي، قبل أن يخسر ضد فرنسا، وكتب “ولا يمكنني أن أنسى تهنئة المغرب على المشوار الرائع. من الرائع رؤية إفريقيا تلمع”.
ويمتلك بيليه سجلا حافلا بالألقاب مع ناديه سانتوس البرازيلي، حيث فاز معه بلقب الدوري البرازيلي ست مرات في أعوام (1961 و1962 و1963 و1964 و1965 و1968)، كما فاز معه بلقبين على مستوى بطولة كوبا ليبرتادوريس عامي (1962 1963)، وكأس الإنتركونتننتال في العامين أنفسهما، وكأس السوبر إنتركونتننتال عام (1968)، وبطولة باوليستا أعوام (1958، 1960، 1961، 1962، 1964، 1965، 1967، 1968، 1969، 1973)، بالإضافة إلى بطولة ريو ساوباولو أعوام (1959، 1963، 1964، 1966).
ولن يجد التاريخ الرياضي يوما إلا ويذكر فيه اسم الأسطورة البرازيلية بيليه، بعد أن ملأ الصفحات بانجازاته ونجاحاته منذ أن كان أول لاعب يسجل هدفا في كأس العالم وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره (17 عاما و249 يوما) وسجل هدفين في النهائي أمام السويد، حيث فازت البرازيل على السويد بخمسة أهداف مقابل هدفين في ستوكهولم، فحجز لنفسه مكانا بين عظماء كرة القدم.