أبرز ما تناولته صحف اليوم الاربعاء ٢١ ايلول ٢٠٢٢


كتبت النهار
قد تتشكل أغرب المفارقات التي ستدخل تاريخ لبنان الحديث أنه في عز نزاعه للحفاظ على بقايا عوامل صمود اللبنانيين ومواجهته احتمال نشوء أزمة شغور رئاسية جديدة ستتوصّل الوساطة الأميركية الى إبرام اتفاق بينه وبين إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية واستخراج الغاز والنفط. تخيّلوا هذا "الإبداع" الاستراتيجي الذي يفوق التصور فيما بدأ شحذ السكاكين الطويلة في معارك المناورات الرئاسية يتخذ منحى التعبئة السياسية والإعلامية بشتى الوسائط والاتجاهات والوسائل بما فيها تلك البدعة الطريفة التي دشّنها أحدهم باللجوء الى استطلاعات الرأي، وما أدراك ما صدقية هذه الاستطلاعات؟

في أيّ حال ، سواء رست المفارقة "التاريخية" للترسيم على نهاية إيجابية أو انهارت كل حظوظها في اللحظات الأخيرة وأرجئت الى ما بعد الاستحقاقات اللبنانية والإسرائيلية المتزامنة والقابعة على الأبواب، أو سواء حصل المكروه المخيف المرعب في انفجار مواجهة حربية... كل هذا لن يبدل في معالم نشوب معركة غرائبية قبيل الأسابيع الأخيرة من نهاية عهد الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية المنهارة والمفككة والذاهبة قدماً بسرعة قياسية الى التحلل. هذه المعركة بدأت خطوطها العريضة تحت شعار ضمني غير معترف به من أحد وهو "كلنا ذاهبون الى الاستحقاق الذي لن يحصل" بما يعني أن ذاك "الحراك" اليتيم لتكتل "التغييريين" وحتى لو أضيف إليه أي حراك لتكتل آخر فإنه سيكون أعجز من أن يبلغ نهاية النهايات المطلوبة التي يرجو إنجازها ليصبح "التكتل التغييري" عرّاب العهد المقبل من خلال استجماع توافق عارم على اسم الرئيس الرابع عشر للجمهورية الخارجة من أسوأ عهود لبنان قاطبة. لم تقم حتى الساعة، ولا نظن أن الأسابيع الآتية كفيلة بتبديل هذا الواقع، معالم اقتناع سياسي واسع وكافٍ لتشكيل أرضية تسووية لانتخاب رئيس جديد ما دامت القوى السياسية النافذة والأساسية لم تظهر أي مؤشرات جوهرية (وليس دعائية) الى أنها جاهزة لوضع ميزان القوى المتشابك جانباً والاحتكام الى منطق التسوية التقليدية في لبنان. بصرف النظر عن الخطورة العالية جداً في تحكيم مبدأ تسوية كهذه من شأنها في أقل الاحتمالات أن تعرّضنا لخطر استجرار تجربة "عون الثاني" مهما يكن اسم الرئيس الذي ستوصله، فإن ظروف التوصّل إليها تبدو الآن في مستوى "الصفر تسوية" أقله في البعد الداخلي الثقيل الذي يرجّح الاحتمالات والظروف وليس في ميزان المحاولات التي تملأ فراغ انتظار "كلمات السرّ" أو المعطيات الوافدة من خارج ما. هذا الواقع السياسي والنيابي والحزبي الراهن في فترة العبور الى منتصف ليل 31 تشرين الأول، سواء من جانب قوى "الممانعة" وعلى رأسها "حزب الله" أو من جانب خصومها أجمعين وفي طليعتهم "القوات اللبنانية" كقاطرة أساسية سواء اعترف لها بذلك الخصوم أو أنكروا، لا يقيم أرضية الحد الأدنى لترويج أسماء أو اسم "توافقي" أو "تسووي" إلا إذا نشأت تطورات خارجية ليست في الحسبان ولا تبدو ظروفها متاحة الآن. لذا لا يحتاج الأمر الى هواة رسم السيناريوات واستحضار قرائح الإثارة الإعلامية الرخيصة في رسم خريطة الطريق الى استحقاق متعثر يواجه الانسداد ببرودة فائقة من معظم القوى الداخلية "المقتدرة" التي تبدو كأنها تسلس القياد للآخرين لملء الوقت المتهالك مع العد العكسي لنفاد المهلة الدستورية. فالمتوقع "المتاح" ليس إلا مبارزة مفتوحة لإسقاط النصاب من هنا وهناك لتمرير الشغور... وبعدها يخلق الله ما لا تعلمون!