أبرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ٨ ايلول ٢٠٢٢


كتبت النهار

سيكون من المؤسف ان يختتم الرئيس ميشال عون ولايته بزيارة نيويورك مترئساً الوفد اللبناني للمشاركة في اعمال الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تنعقد في نهاية الشهر الجاري. مؤسف لأن مشاركة عون في مناسبة من هذا القبيل غير مجدية تماما كما لم تكن المشاركات السابقة. فلا حاجة للقاءات وداعية لرئيس ينهي عهدا يمكن وصفه بالعهد الرئاسي الأسوأ في تاريخ الجمهورية اللبنانية. ولا حاجة لتجشم عناء السفر المضني كرمى لعيون بعض البطانة الذين يهمهم ان يُعصر موقع رئاسة الجمهورية حتى آخر قطرة! باختصار لم تكن مشاركات الرئيس عون في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة السابقة مفيدة للبنان (كي لا نقول اكثر) وبالتأكيد لن تكون هذه المرة فيما يهمّ بالخروج من قصر بعبدا (حتى لو رفض) منهيا أداء رئاسيا لا يحسد أحد لبنان عليه. ان فكرة المشاركة هذه هي من صنع مَن يزيّنون لرئيس الجمهورية امرها وضرورتها. هؤلاء لديهم اجندتهم الخاصة التي لا تعبأ بإمكان ان يظهر رئيس الجمهورية اللبنانية في منبر دولي بهذا المستوى اشبه باليتيم الذي سيزداد يتماً في مسرح دولي لا مكان فعليا فيه للمشاركات الهامشية التي يمكن ان تصنَّف على انها لزوم ما لا يلزم.

طوال ولايته كان عون رئيسا معزولا في الخارج ولم يتغير شيء. فلا هو بنى عربيا، ولا بنى دوليا ولو في الحد الأدنى. في الأساس صُنّف (كما يجب ان يصنف) انه جزء من فريق يقوده "حزب الله" الذراع الإيرانية في لبنان التابعة عمليا لـ"فيلق القدس". كما صُنف من خلال غربته الفعلية عن شؤون البلد الحقيقية وسوء البطانة المحيطة برئيس الازمة. لقد شكل دعم "حزب الله" في مكان مصدر قوة، لكن أيضا كان مقتل ولايته الرئاسية التي تنتهي بعد بضعة أسابيع. اضف الى ذلك ان عون راكم فشلاً بعد فشل خلال الولاية التي ندرك ان معظم اللبنانيين يتوقون الى قلب صفحتها نهائيا. يريدون ان ينسوا الأعوام الستة التي انهارت فيها حياتهم، حاضرها ومستقبلها. لقد كانت ولاية ميشال عون وبالاً على اللبنانيين. كانت وبالاً حتى على مَن أيّدوه ومشوا خلفه متوهمين ان فكرة "الرئيس القوي" ستكون الدواء الشافي لكل ازمات البلد. لقد أتاهم رئيس جالباً معه بطانة سيئة فانكسر التوازن الوطني للبلد، وصار لبنان بأسره محكوماً لأجندة خارجية. انكسر التوازن أيضا عندما تبين ان "الرئيس القوي" مضى في سلوك التفرقة الذي اعتمده، فصار طرفا اصيلا في الصراعات ورمزا للانقسام العمودي في البلد، والتنافس على المكاسب الصغيرة. هنا لا ينسى اللبناني أسلوب ممارسة السلطة الرئاسية وفشلها العميم في جميع المرافق التي كان لها فيها نفوذ.

يستحيل هنا حصر مضبطة الاتهام في حق ولاية الجنرال ميشال عون الرئاسية. لكننا نود ان نذكّر البطانة الثرثارة بان الرحيل بصمت وبغير الضوضاء التي تُفتعل هنا وهناك، افضل للرئيس المنتهية ولايته قريبا. فأكثر ما يحتاجه عون الآن ان يرتاح وان ينسي اللبنانيين ولايته الرئاسية ومآثر البطانة. من هنا وجوب ثني رئيس الجمهورية عن السفر الى نيوريورك في وقت بات معروفا انه لن يستطيع استثمار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. فالمفاوضات ستطول الى ما بعد شهر تشرين الثاني وانتخابات الكنيست، ولن يكون عون هنا اقله دستوريا وقانونيا. خلاصة الامر: لا بد من انهاء الولاية الرئاسية بقليل من الحياء!