ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ١١ آب ٢٠٢٢


كتبت النهار

ما من شك في أن "حزب الله" سيحاول أن يفرض على اللبنانيين رئيساً جديداً للجمهورية ينتمي الى فريقه السياسي. صحيح أن صفحة المرشح الأول طويت، وذلك على الرغم من كل الجهود التي قام بها رئيس الجمهورية ميشال عون. لكن جبران باسيل لا يزال مرشحاً، أقله لناحية ابتزاز الآخر بوزنه في معادلة التغطية المسيحية التي يُفترض أن تؤمّن لأي مرشح من لدن الحزب المهيمن على الساحة اللبنانية.

في مكان آخر تتعزز فرص المرشح الآخر من فريق "حزب الله" سليمان فرنجية. لكن دون اختياره افتقاره الى العديد من العوامل والعناصر. والحديث عنها ليس وقته الآن. بين هذين الرجلين المنتميين حصراً الى منظومة "حزب الله" سيكون وصول أيّ منهما بمثابة التجديد لـ"التسوية الرئاسية" لعام 2016، التي أوصلت الجنرال ميشال عون الى سدة الرئاسة. لكن وصل رئيس فريق معيّن فاقم الأزمات في لبنان، وأسهم بشكل رئيسي في عزلة البلد، وتسريع وتيرة الانهيار التي يتحمّل مسؤوليتها عون مع بقيّة القوى التي حكمت البلاد في السنوات الأخيرة. وتجديد التسوية هو ما يسعى إليه "حزب الله" صاحب المشروع الناسف لأسس الكيان اللبناني. وأيّ شخصية مارونية من فريق "حزب الله" تُفرض اليوم ستكون جزءاً من مشروع تغيير هوية البلد على مختلف الصعد السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والديموغرافية، والثقافية. وسيلعب دوراً مشابهاً للدور الذي لعبه ميشال عون في المجتمع المسيحي أولاً، وثانياً على صعيد لبنان كله بعدما وصل الى قصر بعبدا.

لذلك نقول للقوى السيادية على اختلافها، ولا سيما تلك التي لم تحسن إدارة عملية توحيد الصف التي حصدت على أساسها قسماً لا يستهان به من الأصوات خلال الانتخابات الاخيرة، إياكم أن تستسهلوا أمر اختيار الرئيس الجديد، فتجربة عون كفيلة بأن تثبت للجميع كم أن الموقع حسّاس، ومن يسكن قصر بعبدا، يسهم إما في إعادة شيء من التوازن الى الحياة السياسية والمشتركة في لبنان، أو يفاقم نتائج الانقلاب الذي بدأ عام 2005، وتكرّس عام 2016 عبر التسوية.

بناءً على ما تقدّم لا يمكن تصغير الاستحقاق، في ظل طحشة "حزب الله" الخفيّة لإعادة اختطاف موقع رئاسة الجمهورية مرة جديدة. لا بد من مواجهة الخيارين المطروحين بخيارات أخرى تكون قادرة على تحشيد تأييد واسع في الداخل والخارج. ولا يمكن التعامل مع الخيار الرئاسي على قاعدة أن الموقع ملك لـ"حزب الله"، وبالتالي فلنأت بمن يريده الحزب أو أقله من لا يرفضه. إن اختطاف موقع الرئاسة عبر الرئيس الحالي لا يعني أن الموقع صار جزءاً من المكاسب التي لا ينازع عليها الحزب المذكور أسوة ربّما بموقع رئاسة مجلس النواب. وعليه فلتعد جميع القوى المعنية الى التفكير بعقلية الشراكة في مواجهة مشروع ضرب الهوية اللبنانية، ولتوضع قواسم مشتركة لحماية الكيان، لئلا يستفرد جماعة السلاح غير الشرعي بكل فريق على حدة، فتفتح أمامهم الطريق واسعة في غياب أدنى مقاومة جدّية وهادفة.
إن رئاسة الجمهورية التي يحكى في الكواليس أنها ستبقى بعد خروج ميشال عون من بعبدا شاغرة، موقع مهم للغاية. فمنها يستعاد بعض التوازن المفقود في البلاد، ومنها ينزلق لبنان أكثر في مستنقع الحالة الشاذة السائدة اليوم.