ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ٢٨ تموز ٢٠٢٢

 
كتبت النهار

المعلومات المتوافرة عند المتابعين اللبنانيين من قرب لحركة "الثنائية الشيعية" بقطبيها "حزب الله" و"حركة أمل" التي يترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، تفيد أن الأخير سيدعو الى عقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية في الأيام العشرة الأولى للمهلة الدستورية الموضوعة لإنجاز هذا الاستحقاق. وهي تبدأ من الأول من شهر أيلول المقبل وتنتهي في آخر تشرين الأول. دافعه الى ذلك ليس فقط التقيّد بالدستور وأحكامه، بل هو أولاً حرصه على التخلص من رئيس الجمهورية القريبة جداً ولايته من الانتهاء العماد ميشال عون. وثانياً قطع الطريق على شغور هذه الرئاسة إذا تعذّر انتخاب من يتربّع على سدّتها ضمن المهلة الدستورية، وتالياً على أي احتمال لبقاء عون في قصر بعبدا بحجة ضرورة استمرار المرفق العام والرئاسة هي مرفق عام، وذلك بحكم الأمر الواقع بالاستناد الى الفريق الداخلي الأقوى في البلاد الذي أوصله الى الرئاسة عام 2016 بعدما عطّل انتخاباتها نحو سنتين ونصف سنة. ثالثاً قطع طريق الوصول الى الرئاسة على النائب جبران باسيل الذي أورثه الرئيس عون وعلى حياته "التيار الوطني الحر" الذي أسّسه من زمان وهذا من حقه، والذي يسعى الى توريثه الرئاسة باستعمال كل الوسائل الممكنة القانونية منها وغير القانونية. وهذا الأمر ليس من حقه دستورياً ووطنياً. الى ذلك يقول المتابعون أنفسهم إن هناك دافعاً رابعاً لاستعمال بري الدعوة الى عقد جلسة لانتخاب رئيس للبلاد في الأيام العشرة الأولى من المهلة التي نصّ عليها الدستور لذلك، وهو استعداد أعضاء مجلس النواب ولا سيما المنضوين منهم في كتل حزبية متنوّعة مسيحية وشيعية ودرزية والمتفرّقين على وجه الإجمال وغالبيتهم في هذه المرحلة من السنّة، استعدادهم لاختبار قوة كل منهم النيابية وقدرتهم على تعطيل انعقاد الجلسة الرسمية الأولى للانتخاب، إذ إن عدد نوابهم يفوق ثلث عدد نواب المجلس، والدستور ينص على أن النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس يجب أن لا ينقص عن ثلثي أعضاء المجلس النيابي. ويقول المتابعون أيضاً إن هناك دافعاً خامساً لدعوة بري الى جلسة انتخابات رئاسية في مطلع المهلة الدستورية هو حرصه وشريكه في "الثنائية" كما حرص كل الأحزاب والأطراف على معرفة مَن مِن النواب وكتلهم سيكون قادراً على تأمين 65 نائباً لانتخاب رئيس للجمهورية. ويشكّل هذا الرقم الأكثرية المطلقة أي النصف زائداً واحداً المطلوبة بعد إخفاق كل من المتنافسين على الرئاسة في الجلسة الأولى عن امتلاك ثلثي عدد النواب، وهذا أمر ينص عليه الدستور أيضاً. الدافع الخامس هذا ينبع من أن أحداً من الكتل النيابية والأحزاب المتمثلة في المجلس لا يمتلك الثلث المعطّل للنصاب وللانتخاب في الجلسة الأولى. كما لأن أحداً منها لا يمتلك الأكثرية المطلقة من النواب أي النصف زائداً واحداً لانتخاب رئيس للبلاد في الجلسة الثانية. علماً بأنه في المجلس السابق كان لـ"الثنائية الشيعية" وحلفائها وهم غالباً ورثة مجموعة 8 آذار غالبية النصف زائداً واحداً في البرلمان بل أكثر من نائب واحد. في هذا المجال يعترف المتابعون اللبنانيون أنفسهم بأن "الثنائية" نجحت في تأمين غالبية النصف زائداً واحداً من النواب الأمر الذي مكّنها من إعادة بري الى رئاسة مجلس النواب، كما من انتخاب النائب العوني الياس بوصعب نائباً له. لكن انتخاب رئيس الجمهورية ولا سيما هذه المرة ليس مثل رئيس مجلس النواب مع الاحترام التام لهذا الموقع، إذ إن الكتل النيابية كلها أقليات مع فارق وحيد هو أن بعضها قليل العدد وبعضها متوسط العدد وبعضها أكبر من المتوسط. فالـ"الثنائية الشيعية" لديها الأقلية النيابية الأكبر. أما النواب المسيحيون فلا تجمعهم كتلة واحدة لأن العداء المتأصّل بينهم بلغ مرحلة هدّدت وستهدّد قطعاً مستقبلهم في لبنان ودورهم فيه، إذ يمثل "حزب القوات اللبنانية" كتلة من 19 نائباً كما يقولون. ويمثّل "التيار الوطني الحر" كتلة من 18 نائباً كما يقولون أيضاً. ووحدة هذين الحزبين أو على الأقل تعاونهما يمكن أن يجعل من نوّابهما غالبية النصف زائداً واحداً وخصوصاً إذا تعاونا مع أحزاب أخرى كالكتائب والنواب المستقبليين أو بعضهم وأيضاً مع النواب التغييريين الـ13. علماً بأن وحدتهم لا تبدو مستحيلة على الصعيد النظري، إذ إن كل هؤلاء تجمعهم صفة السيادية. لكنها أكثر من مستحيلة على الصعيد العملي. فالـ"التيار الوطني الحر" حليف لـ"حزب الله" ويستحيل أن يدفعه عداؤه المزمن للرئيس بري و"حركة أمل" التي يقود الحليفان للـ"الحزب" الى التخلي عنه والانضمام الى أخصامه بل أعدائه المسيحيين الذين إذا أضيف إليهم مسلمون سنّة وربما دروز يصبحون مالكين للأكثرية المطلقة في مجلس النواب، أي النصف زائداً واحداً. لكن ذلك قد يكون "حلم ليلة صيف". علماً بأن جهات سياسية عدة تتساءل عمّا إن كان إقدام "حزب الله" على ترشيح حليفه المسيحي زعيم "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة سيدفع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الى التعاون مع عدوّه اللدود الآخر سمير جعجع رئيس "حزب القوات اللبنانية" لإسقاط فرنجية، علماً بأنهما فعلا ذلك بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان فتفاهما ثم اتفقا على ترئيس عون لإقصاء فرنجية وأقنعا لاحقاً زعيم المستقبل سعد الحريري بالانضمام إليهما، علماً أيضاً بأنهما بموقفهما هذا أبعدا في حينه عن الرئاسة مرشّحاً كان يحظى بتوافق فاتيكاني – أميركي – فرنسي – سعودي. لكن من أبعده فعلاً في حينه كان "الحزب" الذي خاف من الترشيح الدولي الغربي – والعربي لفرنجية. وخشي أن يكون هناك تحضير لعمل ما ضدّه. طبعاً لم تكن خشيته في محلها لأن فرنجية "لا يطعن في الظهر" على ما يقول محبّوه وعارفوه رغم أنه يمكن أن يكون ارتكب خطأً في حينه مع "الحزب". في اختصار، الكتلة النيابية الأكبر لا تستطيع تأمين فوز رئيس تؤيّده وحدها، ونجاحها في تأمين غالبية النصف زائداً واحداً ليس سهلاً. والكتل النيابية الأصغر المذكور بعضها أعلاه باتت تمتلك "حق الفيتو". لكن نجاحها في استعماله لمنع انفراد "حزب الله" بـ"تعيين" رئيس لبنان يتوقف على تعاونها. وليس ذلك بالأمر السهل إطلاقاً.