ابرز ما تناولته صحف اليوم الثلاثاء ٥ تموز ٢٠٢٢

 
كتبت النهار

كانت لافتةً العظة الأخيرة للبطريرك الماروني بشارة الراعي التي ادلى خلالها بموقف قاس من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. فقبل بضعة اشهر من انتهاء ولاية الرئيس عون الذي لا يتوقف عن الادلاء بتصريحات عن مهمات العهد الإصلاحية والانقاذية، أتى المرجع الديني الأول للموارنة ليقول كلاما لم نعهده قبلاً من خلال دعوته الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء عهد الرئيس بشهر او شهرين. وقال: "أطالب بإلحاح بانتخاب رئيس جديد قبل انتهاء مدة الرئيس بشهر على الأقل او شهرين على الأكثر ينتشل لبنان من القعر". هذا الموقف يحمل ادانة صريحة لا بل عنيفة جدا من رأس الكنيسة المارونية لعهد وصل خلاله لبنان الى القعر. فيطالب البطريرك بانتخاب رئيس قبل انتهاء ولايته، مستعجلا الانتشال من القعر. انه اطلاق لمعركة الرئاسة، لكن بعنف.

كلام البطريرك يشير في مكان ما الى المزاج العام في البلاد، أللهم اذا ما استثنينا "حزب الله" الذي يملك حسابات مختلفة وربما متناقضة مع مزاج اللبنانيين العابر للطوائف والأحزاب والمناطق، ويعتبر ان عهد الرئيس عون كان كارثة حقيقية على لبنان، وان التغيير يجب ان يطاول رئاسة الجمهورية، بدءا من قطع الطريق على عون قبل ان يخترع اعذارا للبقاء في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، وصولا الى الحؤول دون وصول صهره الى الرئاسة تحت أي عنوان. صفحة عهد الرئيس عون يجب ان تطوى نهائيا في الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل. ويقيننا انها ستطوى، وستطوى معها معادلة الرئيس الماروني المستتبع لـ"حزب الله" وايران في لبنان. نقول هذا لان مناخات المنطقة تتغير، والظروف التي فتحت الطريق امام "التسوية الرئاسية" المشؤومة مختلفة اليوم، ولا يمكن لقوة "حزب الله" إلا ان تعطل الاستحقاق الرئاسي. اما فرض رئيس كما حصل من خلال فرض الجنرال ميشال عون فالامر صار من الماضي.

ما تقدم ينطبق على الرئيس ميشال عون الذي يعرف الجميع انه يفكر في مكان ما، وفي حال استحالة إيصال صهره الى قصر بعبدا، بالتمديد بدعم من "حزب الله". هذا ينطبق أيضا على كل المرشحين الذين ينتمون الى ما يسمى "الخط" او محور "الممانعة" الذي تقوده ايران إقليميا و"حزب الله" لبنانيا. صحيح ان الرئيس المقبل قد لا يكون معاديا بشكل مباشر وحاد لـ"حزب الله"، لكنه قطعا لن يكون جزءا من منظومته. الرئيس المقبل سيكون في موقع الوسط الذي لا يسلّم لـ"حزب الله" وفي الوقت عينه لا يفجر البلاد بصدام مع الحزب الذي يمتلك سلاحا غير شرعي. لكنه سيكون رئيسا قادرا على فتح ملف السلاح غير الشرعي، وسيادة الدولة بلا منازع حتى لو طال الامر. وان لم يكن من مرشح يمتلك مواصفات مختلفة عن مرشحي "الممانعة" فليبقَ الموقع الأول في الدولة اللبنانية خاليا الى ان يدرك من يجب ان يدرك ان تسليم البلاد مرة جديدة الى "حزب الله" يجب ألّا يحصل أيا تكن الظروف.

لقد صار الاستحقاق الرئاسي هو الاستحقاق الأهم. اما تشكيل الحكومة فلم يعد مهما، ويقيننا ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لا يسعى الى تشكيل حكومة في الأشهر القليلة المتبقية من ولاية الرئيس عون. وهو يعرف ان أي حكومة جديدة ستضيف ولو جزئيا الى رصيد المكاسب العونية. وهذا ما لا يريده هو وحلفاؤه. اما حكومة تصريف الاعمال، على ضعفها وركاكتها، فتبقى الحل الأمثل لإمرار المئة يوم ونيف المتبقية من ولاية رئاسية شبه منتهية.