شدد سماحة شيخ العقل لطائفة الموّحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى على احترام المهل الدستورية القادمة والتوّجه بروح تشاركية إيجابية لإتمامها، لان لبنان يستحق الخلاص وانقاذه من الوضع السيئ الراهن، مشددا على ضرورة الإسراع بعقد قمة روحية يصدر عنها الكلام الطيّب المطلوب ونشر المناخات الإيجابية، معتبرا ان معالجة قضايا المواطنين رسالة أخلاقية وروحية أيضا.
كلام سماحة الشيخ جاء خلال استقباله وفد مجلس نقابة المحررين الصحافيين في دار الطائفة-بيروت برئاسة النقيب جوزيف قصّيفي وضم: جورج شاهين، واصف عواضة، صلاح تقي الدين، سكارليت حداد، هنادي السمرا ويمنى الشكر غريّب. بحضور مدير عام المجلس المذهبي الأستاذ مازن فياض وعضو المجلس النقابي أكرم عربي ومستشار شيخ العقل الإعلامي الشيخ عامر زين الدين.
والقى النقيب قصيفي كلمة خلال اللقاء جاء فيها:
“في كل مرّة نزور فيها هذا الصرح الكريم، نتلمس مخايل الحكمة في كل زاوية من زواياه، وتتراءى أمام أنظارنا صور لوجوه تعاقبت عليه تحصنت بالعلم، والفضيلة والمعرفة، ونفاذ البصيرة. فكانت عمائمها البيضاء بيارق هدى يأتّم بها كّل متعطش لموقف وطني عاقل ومتزّن يفتح الباب أمام المخارج الملائمة لازمات متلاحقة أنهكت لبنان وما تزال بفعل ما أرخت من ثقل على البلاد والعباد، وتكاد بنتائجها الكارثية تفرغ الوطن من طاقاته الحيّة والشابة، وتحوّله إلى ما يشبه دار عجزة.
صاحب السماحة
يسرنا، اعضاء مجلس نقابة محرري الصحافة وأنا، أن نلتقيكم في دار طائفة الموحدين الدروز، لنؤكد إحترامنا لشخصكم وللطائفة التي تمثلون، وهي طائفة مؤسسة للبنان، ولها في تاريخه ما لها من صفحات ناصعة حدثت عنها متون الكتب. إضافة إلى أنها أحد أعمدة العيش الواحد بين مكوناته. ولا يفوتنا أن ننوه إلى الدور الذي تضطلعون به منذ ما قبل إنتخابكم شيخ عقل، في تقريب المسافات بين الطوائف والمذاهب، من خلال إنفتاحكم الدائم على الآخر بالحوار الذي توّسلتموه سبيلاً للتواصل ومّد الجسور بين الاطراف اللبنانيين. وانا شخصيّاً واكبت مساهماتكم في “لقاء الاثنين” بالجبل الكسرواني، وذهابكم نحو المكوّن المختلف بشجاعة المؤمن بأن لبنان غير قابل للتجزئة والقسمة، وأن ما يجمع بين ابنائه، هو أقوى من محاولات إسقاط النموذج الذي يمثل. أنتم يا صاحب السماحة تمتلكون شجاعة الرأي والموقف والحكمة. وهذه صفات تتقدّم على شجاعة الشجعان. إن الادوار لا تقاس بحجم الطوائف وانتشارها، بل بالاشخاص الذين يؤدونها، ومدى قدرتهم على فرض إيقاعها، وتحويلها إلى فرصة. وأخالكم من أصحاب المبادرات النوعيّة التي تؤسّس نهجاً جديداً في التعاطي بين القيادات الروحية والسياسّية. نهج نحن بأمسّ الحاجة إليه في هذا الزمن الذي تعطلت فيه لغة الكلام العاقل، وتراجعت الى ما يطلبه المستمعون، أو الى مناوشات قد تجّر إلى مواجهات على قاعدة ” إن أول الحرب كلام”.
صاحب السماحة
سمعنا انكم تعملون لاعادة إحياء القمة الروحّية. اين أصبح هذا السعي؟ وهل ثمة جديد على هذا الصعيد ومتى؟ وإلى أيّ حدّ يمكن لمثل هذه القمة أن تواكب العمل الجاري في الداخل والخارج لانتشال لبنان من محنته؟ اسئلة نطرحها عليكم لمناسبة هذه الزيارة، متمنين لكم التوفيق في المهمات التي تتصدون لها بحكمة وثبات، وهدوء وتواضع، وتتعاملون مع ما تفرزه من معوقات بصبر وجلد، وايمان كبير بأن من يتقي الله يجعل له مخرجاً. وأنتم من أصحاب التقوى والعلم، ولن يكون بلوغ المخارج على يدكم، ويد القامات الروحية والوطنية مستحيلاً اذا اتحدت الارادات وصفت النيات”.
شيخ العقل
وردّ سماحة شيخ العقل بكلمة رحّب فيها بمجلس نقابة المحررين في “دار طائفة الموّحدين الدروز، هذه الدار الجامعة والوسطية في عاصمة الوطن التي عنوانها الجمع واللحمة بين جميع اللبنانيين، نشكر زيارتكم خاصة وإنها تأتي في اجواء الأضحى المبارك وزمن العطاء والتضحية والمحبة والاخوّة وكل معاني العيد لكسب رضا الله سبحانه وتعالى ومحبة الناس.
اهلا وسهلا بكم وإننا اذ نقدّر عملكم الذي نتمنى ان يصب دائما في مصلحة الانسان والاوطان من خلال الكلمة الطيبة الداعية الى السلام وتعزيز الرجاء والامل في زمن اليأس والصعوبات والتحديّات الكبيرة، يجب ألاّ ندع اليأس يسيطر. لنا أمل بالسياسيين ولكنه مشوب بالقلق، قلق على وضع الناس ومن التجاذبات التي تحصل في هذا البلد القائم أساسا على التنوع. لبنان قائم على الصيغة الفريدة من نوعها في العيش معا بالتكامل والتشارك لا بالانقسام الطائفي، وهذا يفرض الابتعاد عن لغة التحدّي الطائفي والمذهبي كما يحصل للأسف في بعض الأحيان. نعيش التنوع في الوحدة، فتنوّعنا لا يضير وانما ما يضرّ هو التربية على التعصّب فيصبح التعدد مدعاة كراهية وانعزال عن بعضنا، لكن الحاجة لان نكون أقوياء ببعضنا البعض”.
وتابع سماحته: “اننا نعيش في وطن ميزانه كميزان الذهب للمحافظة عليه فيحافظ واحد على شريكه وليس بأن يكون الهدف المحافظة على أنفسنا فقط، فالشريك في الوطن يجب الحفاظ عليه لكي نحفظ وطننا، ولنا امل يعززه الرجاء بالقيادات الروحية من خلال نشر المناخ الإيجابي وتكريس وتعزيز روح التلاقي التي ذكرتها الأديان والكتب السماوية، رحمة ومحبة واخوّة وهذا دورنا، وليس برفع منسوب التحدي والمواجهة. فنحن نؤدي رسالة ونحملها بمسؤولية أخلاقية وروحية، المسؤولية على السياسيين تقابلها مسؤوليتان علينا أخلاقية وروحية بنشر هذا المناخ الإيجابي”.
وشدد سماحته على “أهمية اللقاءات الروحية التي يجب ان تتوّج بقمة روحية، وإذا كانت الظروف غير متوفرة راهنا للقمة فان هذه اللقاءات يجب ان تكون موجودة، واننا نسعى ونحاول جهدنا بعقد قمة روحية يصدر عنها الكلام الطيّب المطلوب ونشر تلك المناخات الإيجابية، هناك تجاوب من الجميع أصحاب الغبطة والسماحة وانما الظروف الضاغطة اقتصاديا ومعيشيا والانهيارات الحاصلة تؤخر المساعي وتجعلنا ننصرف الى الأمور والمشاغل اليومية التي تشغل بالنا، وانني من الداعين للإسراع بعقد مثل هذه القمة كما اللقاءات الروحية التي يجب ألاّ تتوقف، علما ان التعاطي مع الواقع المعيشي اليوم رسالة روحية واخلاقية أيضا اذا دفعنا باتجاه معالجة الاوضاع الاقتصادية حيث هي الأولى بالاهتمام”.
وتطرق سماحة الشيخ ابي المنى الى الاستحقاقات القادمة قائلا:” يجب ان نسعى جميعا الى احترام المهل الدستورية والتوّجه بروح تشاركية إيجابية لإتمام هذه الاستحقاقات، لان لبنان يستحق الخلاص وانقاذه من الوضع السيئ، فأبناء الوطن في الاغتراب باتوا بحالة يأس من العودة الى وطنهم، فتعزيز الامل تجاههم ضروري من خلال مبادرات داخلية بالتعاون مع أصدقاء لبنان في الخارج لان بلدنا لا يستطيع ان يقوم وحده ويحتاج الى الاحتضان والدعم، فالولاء للوطن يحتّم علينا تعزيز الامل على حساب اليأس”.
وختم سماحته متمنيا “حصر كل الكتابات والاخبار الإعلامية بما يعزّز هذه التوجهات من خلال تأثير الاعلام الكبير على المجتمع” قائلا: “عززوا روح الامل وروح الحوار والتلاقي والتمسك بوطننا الذي يبقى مصدر غنى وفخر يدفعنا لعدم التخلي عنه وان نبقى الى جانبه في أصعب الأوقات”.
كما استقبل سماحته المفتي الجعفري الشيخ احمد طالب، وجرى البحث بعدد من القضايا والمواضيع الروحية والوطنية العامة.
كذلك استقبل وفدا من “لقاء عين دارة الخيري” ضم السيدتين: دنيا عطا الله القاضي ورنا عطا الله للبحث مع سماحته في اهداف اللقاء لتعزيز المبادرات الفردية ودعم العائلات المحتاجة.
واستقبل سماحة الشيخ ابي المنى أيضا المحامي نديم حمادة.
وكان لسماحته عدة لقاءات أخرى في دار الطائفة وفي دارته في شانيه.