أبرز ما تناولته صحف اليوم الاثنين ١٣ حزيران ٢٠٢٢


كتبت النهار

من نكد الأقدار على اللبنانيين أن يخضعوا حتى الرمق الأخير لسلطة أودت بهم الى أحد أسوأ الانهيارات التي عرفها بلد في العالم، فيما تتولى هي نفسها المرحلة الانتقالية المفترض أنها نهائية بين عهد وعهد. هذا الحاصل في مسار "الجرجرة" المفتعلة في تأخير تشكيل حكومة جديدة، الذي يتكئ على ذرائع وحجج متعاقبة لا صلة لها بأي منطق أو معيار دستوري، يتوّج عقلية لن تنفك ترهن لبنان لحسابات عبثية حتى ما بعد الثانية الأخيرة من نهاية العهد الحالي. وكان ينقص هذا العهد كما القوى الحليفة له في المحور "الممانع" أن تأتيهم "الهديّة العدوة" من "إنيرجيان باور" فراحوا كأنهم يهزجون على أبواب الصيف وموسم واعد بجرعة تنفس لتوظيف هذا التطوّر كل في ما يناسب أهدافه.

تصيّد العهد التطوّرات الساخنة ليمضي في إدمان مزمن على القفز وتجاوز المعايير الدستورية، فمرّ حتى الآن شهر على الانتخابات النيابية فيما فلاسفة قضم الدستور وتجاوزه في الموقع الدستوري الأول لا يزالون يغدقون على الناس النظريات الفارغة من كل منطق بتسويغ تأخير الاستشارات لحجب ما يطبخ من اشتراطات وصفقات يسعى فريق العهد الى جعلها الضربة الأخيرة في تشكيل حكومة تتلاءم وما بعد العهد. أما الحليف الممانع الحديدي فلم يتأخر في إطلاق العد العكسي لوضع لبنان برمّته أمام خطة الطوارئ الحربية القتالية التي لم يأخذ رأي أحد فيها ولا حتى هؤلاء الميامين من حلفائه من رأس الهرم في بعبدا الى آخر نائب جاء به نفوذه.

يحصل ذلك على أيدي السلطة وحلفائها عند مطالع مرحلة نخشى أن تكون أقرب الى مشهد يتخطى كل ما وصلت إليه التصوّرات المتشائمة لأن تفلت لبنان بهذه الصورة الدراماتيكية، بين أيدي هذه الطغمة المتحكمة أكثر فأكثر بعد الذي جرى في مجلس النواب، سيكون من شأنه أن يزج به في متاهة غير مسبوقة من تسابق الانهيارات لا أكثر ولا أقل.

لعلنا لا نغالي إطلاقاً إن صرنا مسكونين بهواجس اللعنة التي تتساقط حممها على رؤوس الناس كقدر مستحضر من القرون القديمة وأزمان ما قبل التاريخ. مع تهاطل الازمات في اليوميات الممضة واشتعال أسعار المحروقات والكهرباء والسلع على أنواعها ومع التراجعات الخطيرة في مستويات الحاجات الأساسية للناس من استشفاء وتغذية في بلد يتقدّم لائحة البلدان المعرّضة للمجاعات، صار لسان حال اللبنانيين "فصرت إذا أصابتني السهام تكسّرت النصال على النصال".

لم يكن ينقص هذا الواقع الدرامي سوى تلك الفجيعة التي ذهبت بطارق طيّاح وشادي كريدي على نحو يعتصر بقايا ما بقي من قدرة اللبنانيين على التجلّد والصبر أمام فواجع ومصائب كهذه من شأنها أن تذكي فيهم الشعور بالظلم الهائل الواصل الى حدود الكفر مرات بأي رحمة تحل بهم.

أمام كل هذا ترانا نتلقى مجدّداً ما "سيرمى" علينا في الأسبوع الجديد من أناشيد قومية ووطنية ومزايدات صاعدة وهابطة ستواكب حتماً زيارة الوسيط الأميركي الذي تسابق نشامى العهد والسلطة في إظهار براعتهم في حضّه على الحضور الى لبنان، كما سنترقب جديد الاجتهادات المتصلة بالاستحقاق الحكومي. ومن يدري، ربما نسمع عن اكتشاف هؤلاء النشامى أن أسعار المحروقات والدولار وكل المشتقات صارت في أعلى السلالم القياسية منذرة بجعل لبنان يقترب من مصير لن يقاس معه كل ما شهده من حروب وكوارث سابقة!