غداً يبلور لبنان رده الرسمي على عرض الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الذي كان سبق وتقدم به في زيارته الاخيرة الى لبنان. مجدداً يعود الوسيط الأميركي في ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل لتحريك الملف مجدداً على وقع وصول السفينة اليونانية للتنقيب عن النفط في كاريش. عودة هوكشتاين تأتي تحت وطأة التحذير من عواقب الأمور في حال استمر العمل في التنقيب بقرار أحادي من قبل اسرائيل ما دفع لبنان للتحرك باتجاه استيضاح ما يحصل وصدّ اي محاولة اسرائيلية للتنقيب اذا لم تفضِ المفاوضات غير المباشرة بينها وبين لبنان الى اي نتيجة بعد.
منذ أُعلن الخبر عن وصول الباخرة اليونانية للتنقيب سارعت اسرائيل الى تقديم تطمينات حول موقع عملها والقول إنه سيكون محصوراً بالشق الاسرائيلي من الحدود بعيداً عن الحدود اللبنانية. بطلب من آموس أعطت اسرائيل تطمينات بوقف عمل الباخرة تسهيلاً لعمل الموفد الاميركي. لتكون تلك هي المرة الثانية التي يرجأ العمل فيها بعدما سبق وأرجئ الى ما بعد الانتخابات النيابية في لبنان. تقول المصادر ان لبنان كان على علم بوصول السفينة منذ العام 2019 وان موعد وصولها تم تأخيره بناء لطلب آموس وتسهيلاً لمهمته في المفاوضات مع لبنان.
وتستبق السفيرة الاميركية دورثي شيا وصول آموس بعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين تمهد فيها لزيارة الوسيط الاميركي الذي سيتسلم من لبنان ملاحظات على الصيغة المكتوبة التي سبق وقدمها للبنان خطياً وجزمت بان لبنان لن يقدم رداً خطياً كي لا يلزم نفسه به في مرحلة المفاوضات. يوم غد السبت يعقد رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً استباقا لوصول آموس للخروج بموقف موحد من العرض الذي سبق وتقدم به، وعلم ان الرد اللبناني سيطالب بمساحة حقل قانا كاملة اي كامل المساحة 860 كيلومتراً مربعاً مقابل ان يكون حقل كاريش بالكامل خارج الحدود اللبنانية بعدما كان عرض آموس تضمن تنازل لبنان عن جزء من قانا فضلاً عن اقتراحات أخرى ستكون موضع بحث مستفيض مع الوسيط الاميركي.
وتؤكد مصادر معنية ان زيارة آموس هذه المرة قد تكون مختلفة عن المرات السابقة بالنظر لإصرار لبنان على حسم الملف وضمان حقه في استغلال ثروته النفطية جازمة بان اي بحث بالخط 29 لن يكون هو الأساس لان طرحه وفق ما يؤكد طارحه هو من باب كونه نقطة تفاوض ولا يدخل ضمن خط الحدود، اي ان لبنان سينطلق من هذا الخط ثم يتراجع بالمفاوضات الى ما دونه وهو ما تعتبره المصادر اعترافاً بأن الخط 29 ليس خطاً حدودياً. مصادر أخرى تذهب أبعد من ذلك لتغمز من قناة الهدف من اثارة البلبلة حول خط غير موجود عملياً وعما اذا كان الهدف استدراج «حزب الله» الى المواجهة مع اسرائيل للنيل منه. وتذكر المصادر ان الخط 23 تم تثبيته في حكومة ميقاتي العام 2011 وبموافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري ما يعني اقتناعهما به وخوض المفاوضات غير المباشرة على اساسه، اما اعتماد الخط 29 فيعني ان لا مفاوضات ولا استثمار للثروة النفطية الى اجل غير مسمى.
موقف لبنان الديبلوماسي يتلخص في التعاطي مع موضوع الترسيم على انه فرصة ذهبية لوجود نوايا جدية، معتبراً ان هذه قد تكون الفرصة الاخيرة مع قرب نهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصعوبة تشكيل حكومة في الظرف الراهن، وفي حال لم يثبت الجانب الاميركي حسن نية ويتعاون مع لبنان لتثبيت حقه بثروته لتكون تلك هي زيارته الاخيرة ما بين لبنان واسرائيل للخروج بنتائج عملية وليس الاكتفاء بتقديم عروض تصب في مصلحة اسرائيل على حساب حق لبنان في حدوده.
هي المرة الاولى التي تتقاطع فيها مصالح كل الاطراف للخروج باتفاق على ترسيم الحدود وهو ما يتطلب زيارات مكوكية للوسيط الاميركي وتفعيل الوساطة وهذا ما سيسمعه آموس من الجانب اللبناني الذي سيتوحد موقفه للمرة الاولى بعدما كان شهد انقساماً حاداً في الايام القليلة الماضية وصلت الى حد المطالبة بجلسة برلمانية لاصدار الخط 29 بقرار نيابي وفرضه على الحكومة ليصبح هو خط الحدود الرسمي، لكن الخطوة ستكون منقوصة لعدم وجود حماسة رسمية من قبل المعنيين بالملف.