ابرز ما تناولته صحف اليوم السبت ١٨ حزيران ٢٠٢٢


كتبت النهار

عن سؤال “ماذا يريد “حزب الله” وما المستقبل في رأيه؟” الذي وجّهه لي المسؤول المهم والصديق الذي شغل مواقع أميركية عدّة مهمة داخل بلاده وخارجها في الشرق الأوسط ولا يزال في الخدمة، أجبت: يقول الكثيرون من أخصامه بل أعدائه في لبنان إنه يريد “المثالثة” أي وضع صيغة تكون الطوائف الكبرى الثلاث الشيعية والسنية والمسيحية حاكمة لبنان من خلال مواقع دستورية متساوية في الشكل، لكنها تعكس عملياً الميزان الديموغرافي في لبنان “الطابش” أساساً لمصلحة المسلمين بنسبة 70 في المئة الى 30 في المئة تقريباً. لكن “المثالثة” هذه قائمة عملياً ودستورياً من خلال “اتفاق الطائف” الأمر الذي يكوّن انطباعاً بأن المطلوب صيغة أو نظام تعطي المثالثة فيه انطباعاً باستمرار العيش المشترك بين الطوائف والمذاهب، ولكن وفق توزيع سلطوي وصلاحيتي يعكس قوة الطائفة الأكبر في البلاد ديموغرافياً وعسكرياً ووجوداً في المؤسسات الرسمية المتنوّعة ووجوداً ديموغرافياً وحتى أمنياً وعسكرياً في غالبية المناطق اللبنانية حتى التي منها تنتمي الى دين آخر أو الى مذهب آخر في الدين نفسه. يعني ذلك أن هناك حاجة الى عقد اجتماعي وسياسي جديد يعكس ميزان القوى الحالي في البلاد مثلما عكست موازين القوى بين 1920 و1943 وبين 1969 و1982 وأخيراً منذ 1989 حتى الآن. فالمطلوب إذن صيغة تعكس ميزان القوى الجديد هذا أي القوة الكبيرة سياسياً وعسكرياً وأمنياً وديموغرافياً للشيعة اللبنانيين، وفي الوقت نفسه لا تضطرّ السنّة المساوين للشيعة ديموغرافياً الى الاصطفاف مع الطوائف الأخرى “المعادية” للشيعة والرافضة سيطرتهم على لبنان وجعله قاعدة سياسية وعسكرية وأمنية وشعبية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ما يهم الشيعة في هذه المرحلة هو تلافي حرب سنّية – شيعية تفيد الآخرين أي المسيحيين والدروز وربما غيرهم. الدافع الى هذا الموقف انتماء الفريقين الى دين واحد هو الإسلام والى القدرة على ابتداع تفاهم بينهما يكرّس الغلبة الشيعية الحالية ويجعل من السنّة شركاء مضاربين فيها. بالنسبة الى المسيحيين يعني ذلك تحوّل رئيس الجمهورية الذي سيبقى مسيحياً ومارونياً بالتحديد رئيساً رمزياً وتولّي المسلمين ولا سيما الشيعة مناصب أمنية وعسكرية أولى مثل قيادة الجيش والإشراف على مواقع اقتصادية ومالية كبرى ولكن من خلال معاونين رسميين لهؤلاء قد يكون مصرف لبنان أهمّها.

سأل المسؤول المهم والصديق الذي شغل مواقع مهمة في وزارة أميركية أساسية ولا سيما في الشرق الأوسط ولا يزال في الخدمة: “كيف سيرضى المسيحيون بذلك على افتراض أن الشيعة نجحوا في إقناع السنّة بأنهم شركاء لهم وإن بصورة غير متكافئة تماماً؟”. أجبت: ربما يرضيهم تطبيق لامركزية واسعة إدارية ومالية وإنمائية في البلاد. وهي كانت مطلبهم منذ بدء الحروب عام 1975 في لبنان وحتى بعد انتهائها عام 1990. ومن شأنها إرضاء الدروز وطمأنتهم وحتى السنة في هذه المرحلة رغم “تفاهمهم” الضمني مع الشيعة على ضرورة استمرارهما شركاء وإن بنسب مختلفة، ورغم شعورهم القومي العربي المستمر الرافض الفيديرالية و”الانعزال”. لكن الإحساس بالأمان هذا الذي تعطيه اللامركزية المذكورة سيكون خاطئاً في رأيي لأن الشيعة بقوتهم العسكرية ودورهم الإقليمي الواسع الأمني والعسكري وحتى السياسي واعتبار إيران الإسلامية إيّاهم جزءاً منها، ولأن جودهم المباشر في مناطق الفئات اللبنانية الأخرى مهم وذو طبيعتين ديموغرافية وأمنية وربما عسكرية. وهو وجود سياسي في الآن نفسه وأمني وقادر على التحوّل عسكرياً في أي وقت. هذا فضلاً عن أن حدود لبنان اللامركزي هذا ستكون في معظمها للشيعة وحلفائهم السوريين. ثم سألتُ: ما مصير الاتفاق النووي مع إيران ومفاوضات فيينا العاملة على إحيائه من دون نجاح حتى الآن؟ أجاب: “ربما كان أُعيد الى الحياة ووُقّع لو لم تشنّ روسيا رسمياً حربها على أوكرانيا. وهو قد يُوقّع. لكن موقف بايدن ليس سهلاً. فالجمهوريون في الكونغرس ومعهم ديموقراطيون ضد إحياء هذا الاتفاق”.

ماذا في جعبة باحث جدّي في مركز أبحاث أميركي له تأثيره في الداخل والخارج عمل مرة في وزارة أساسية مدّة ثلاث سنوات ثم عاد الى البحث وغادره مرة ثانية بعد سنوات لشغل موقع مهم في وزارة أميركية أساسية أخرى، ثم عاد بعدها الى مركز الأبحاث نفسه؟ بدأتُ اللقاء معه بالسؤال عن الوضع الداخلي في الأردن، وهو خبير فيه، ولا سيما بعد مفاجأة الأمير حمزة بن الحسين الولي السابق للعهد بعد انتقال والده الملك حسين الى جوار ربه بقيادة حركة معارضة داخلية، فأوقفها الملك عبد الله بن الحسين ووضع أخاه غير الشقيق في نوع من الإقامة الجبرية. لكنه بعد أشهر أعاد له حرّيته بعدما قدّم كتاب اعتذار ضمّنه إعلاناً رسمياً بالولاء للملك وللدولة. ظن الكثيرون في حينه في الخارج أن هذا خلاف قد انتهى. لكنه عاد أخيراً الى الواجهة الأمر الذي اضطر الملك عبد الله الى التحرّك بسرعة والقيام بخطوات أنهت هذا “التمرّد” في بدايته. سؤالي لك وأنت الخبير في الأردن كما في دول عربية أخرى، هو ماذا جرى فيه أخيراً؟ وما أسبابه؟ وهل انتهى؟ أم لا تزال احتمالات تجدّده ممكنة؟ وهل يؤثّر “الخلاف” داخل العائلة الحاكمة في الأردن إذا جازت تسميته كذلك على المملكة مستقبلاً نظاماً واستقراراً و…؟ بماذا أجاب؟