عمر حبنجر - الانباء الكويتية
خلال الاستشارات النيابية الملزمة، سؤال واحد طرحه رئيس الجمهورية ميشال عون على النواب: من تسمون لرئاسة الحكومة؟ وأثناء الاستشارات النيابية غير الملزمة، يومي الاثنين والثلاثاء، سؤالان يطرحهما رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على النواب انفسهم: هل ترغبون بالمشاركة في الحكومة، وأي حكومة ترتاؤن؟
طبعا الأسئلة سهلة، لكن العقدة في الأجوبة، وفي التطلعات، وفي امكانية الاستجابة للرغبات، في مجلس نواب فسيفسائي التكوين والألوان، وهصذا ما يدركه الرئيس المكلف بحكم الخبرة والتجربة.
وبالتالي، فانه لن يعدم امكانية اعداد تشكيلة حكومية، تتوازى مع حكومة تصريف الأعمال وتحظى بقبول الرئيس عون وفريقه، فإذا تمت الموافقة، يكون الانتقال الى اعداد البيان الوزاري، وتنال الثقة ويتم التسلم والتسليم، بين ميقاتي ونفسه، واذا تعذر اقناع الرئيس عون ومن خلفه وريثه السياسي جبران باسيل، فحكومة تصريف الاعمال حاضرة ناطرة وميقاتي باق في السراي الحكومي، سواء كرئيس حكومة مكلف، او كرئيس حكومة تصريف أعمال.
وفي تقدير المصادر المتابعة، ان أقصى ما يمكن اخذه من ميقاتي، هو ترميم الحكومة الحاضرة، من خلال استبدال بعض الوزراء بآخرين، والمشكلة هنا، بين ان يكون التعديل موسعا، او ضيقا، وهل يشمل تبادل الحقائب الوزارية، او «جمل مطرح جمل يبرك»، كما يرى الرئيس نبيه بري الذي نقل عنه فهمه للتعديل الوزاري على انه استبدال لكل فريق ممثله بآخر، عند الحاجة، مع عدم المس بالتوزيع الطائفي والمذهبي للوزارات، ما يعني رفض اي طرح يخرج وزارة المال من حصة الثنائي الشيعي، او بالأحرى، حركة أمل بالتحديد.
وفي معلومات المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان الاتجاه الغالب هو نحو التعديل الموسع للحكومة، طالما ان المثول امام مجلس النواب لنيل الثقة، أمر لابد منه، ويتقدم الأسماء المطروحة للخروج من حكومة تصريف الأعمال: وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وزير المهجرين عصام شرف الدين ووزير الاقتصاد أمين سلام ووزير الطاقة وليد فياض ووزيرة التنمية الادارية نجلا رياشي.
والتقدير ان المستجدات العربية، والتحضيرات الجارية، للقمة التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، وبمشاركة الرئيس الاميركي جو بايدن تستدعي تغيير المسار السائد في وزارة الخارجية اللبنانية، كما ان تغيير وزيري الطاقة والاقتصاد، أي وليد فياض وأمين سلام، المعنيين بالكهرباء والمحروقات ولقمة العيش، قد يفرج كرب الناس المصطفين في الطوابير، امام المخابز ومحطات توزيع المحروقات، فضلا عن ان ترشيح أمين سلام نفسه لرئاسة الحكومة جعل من الصعب على الرئيس ميقاتي الانسجام معه.
اما بالنسبة للوزير الدرزي الثاني الذي سيحل محل عصام شرف الدين، فليس بالضرورة ان يكون جنبلاطيا، كما يقول الاشتراكيون انما ان يكون مقبولا من جميع الاطراف.
ومن باب المساواة يتعين تغيير وزير شيعي ويبدو ان القرعة ستقع على واحد من اثنين، وزير الثقافة محمد بسام المرتضى او الزراعة عباس الحاج حسن، على اعتبار ان وزيري المال يوسف الخليل والأشغال العامة علي حمية من الثوابت.
المصادر عينها رجحت فكرة الترميم الحكومي على هذا النطاق، حفاظا على وجود التيار الحر فيها لأنه في حال تشكيل حكومة جديدة، سيصعب على الرئيس المكلف توزير الفريق الذي لم يسمه في الاستشارات، حتى لا يخسر مؤيديه على الجانب الآخر.
المحلل السياسي المحامي جوزف ابو فاضل، توقع لقناة «الجديد» انه لا تولد حكومة ميقاتي بسهولة، مستغربا كلام باسيل عن نجيب ميقاتي، سائلا رئيس التيار الحر عن الـ 25 مليار دولار التي طارت من كهرباء لبنان، ومرجحا مشاركة الجميع بالحكومة، لأنها حكومة رئاسة الجمهورية.
من جهته، البطريرك الماروني بشارة الراعي، شدد على حاجة لبنان الى «قيادة جديدة متجددة، تتميز بروح المسؤولية وبالوعي والشجاعة لإطلاق ورشة الاصلاحات، في البنى والقطاعات الأكثر الحاحا، وفوق كل ذلك لبنان بحاجة الى الاستقرار السياسي.
وأضاف «لا أحد أقوى من الله، لا بنفوذه ولا بسلطته ولا بماله، ولا بسلاحه، ولا بكبريائه، داعيا الى تشكيل حكومة تتحمل المسؤولية الاجرائية والى رئيس جديد للجمهورية يطلق نهجا بناء».
بدوره، رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع شدد على «ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في بداية المهلة الدستورية، بعد ان اضاع رئيس الجمهورية فرصة انقاذ البلد».
المصادر المتابعة تتوقع انجاز التشكيلة الحكومية قبل عطلة عيد الأضحى المبارك، وإذا لم يحصل، فمعنى ذلك ان الأمور معقدة اكثر مما يرى في العين المجردة.
لكن ثمة عاملا اضافيا يتعين التوقف عنده، وهو القمة الخليجية -العربية -الأميركية في منتصف يوليو، والتي توجب ان يكون لدى لبنان، الذي ستتطرق اليه هذه القمة، حكومة فاعلة على الأقل.