كتبت النهار
كاد الصخب الطالع حول ملف الترسيم البحري لفرط ما انحشر فيه "خبراء استراتيجيون" تضج بهم الشاشات والمنابر ويغدقون على اللبنانيين الدروس في الوطنية والقومية المنفجرة الى اعلى المستويات ، كاد ان ينسينا خطرا زاحفا اخر يتعين الالتفات اليه قبل فوات الأوان . وفيما ننتظر مع المنتظرين اختبار الدولة اللبنانية في ما ستبلغه من موقف موحد وثابت وكفيل بتحقيق مصالح لبنان في ثروته من دون الانزلاق الى مغامرات انتحارية ، لا ترانا مبالغين ان عدنا الىِ "ميدان" ساحة النجمة في هذه العجالة لنسأل : ترى هل بات هناك امر واقع ينبغي ان نسلم به ومفاده ان الأقلية القديمة صارت الأكثرية الثابتة فيما الأكثرية الجديدة اسفرت عن وجه تشرذم غير قابل للاستدراك ؟
نقول ذلك لان الوقائع العميقة كما السخيفة والساذجة في الجلسات التي عقدها المجلس المنتخب والذي سينهي اليوم انتخابات لجانه تنذر بتكريس ميزان قوى عاد مختلا اختلالا مثبتا لمصلحة قوى تحالف 8 اذار بشكل لا لبس فيه فيما سائر القوى السيادية التقليدية القديمة والتغييرية الناشئة تكاد ترفع راية التسليم بهذا الواقع الخطير . ونقول بانه امر بالغ الخطورة لان ما حصل في انتخابات اللجان من "اجتياحات" النواب الممانعين عدديا لعدد كبير من اللجان والعجز المفرط عن احداث توازن الحد الأدنى في مواجهتهم من القوى الأخرى قاطبة لن يقلل من وطأته إعادة تزكية بضعة رؤساء لجان أساسية فيما باتت هذه اللجان تخضع لاكثرية ممانعة . ونقول ذلك لان باب الاستحقاقات الكبرى فتح على الغارب ، والاتي منها سيكون في مستوى صناعة مصير البلد الذي تطلق الدول والمنظمات الدولية الانذارات المتعاقبة المخيفة حيال ما بلغه انهياره من درجات خطرة ، وكان اخرها قبل يومين التحذير الأميركي من تداعيات الانهيار على لبنان وبعض المنطقة .
هل يعني ذلك اننا كنا نعول على الأكثرية الجديدة وخاب رهاننا في مهده ؟
حتما لا لان الانتخابات النيابية لم تكن تحتمل في مجمل وقائعها إمكانات انقلابية جذرية بأكثر مما حملته لجهة اسقاط الأكثرية السلطوية لمصلحة الأكثرية المعارضة بكل تلاوينها السيادية والتغييرية والمستقلة . لكن ما "يفجع" تكرارا ، ان ينكشف بهذه السرعة المبكرة عجز القوى المعارضة بكل اتجاهاتها على الثبات وراء استحقاق واحد تمليه ضرورة ان تعلن قولا وفعلا ان ثمة أكثرية جديدة باتت هي الرقم الصعب في البرلمان المنتخب وانها تتهيأ لمواجهة كل الاستحقاقات الاستراتيجية الدستورية والتشريعية بما تمليه هذه النقلة النوعية .
لعلنا لن نخفي ان الصدمة في مشهد انتخابات اللجان ، ولو لم يتابعها الناس على نطاق واسع ، كانت اشد قسوة من صدمة انتخابات رئاسة مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس لان مكمن الخطورة فيها تفاقم وتضاعف بعدما بدا واضحا ان 8 اذار باتت تتصرف بقوة اكبر وبغرف عمليات اشد تماسكا وتنظيما ومعرفة بما يختزنه "الخصوم" السياديون والتغييريون والمستقلون من نقاط ضعف ان على مستوى انعدام التنسيق وان على صعيد التمسك المتعنت بالخصوصيات الذي يترجم اما احقادا وعداوات في ما بين هذه القوى او سذاجة من القوى الناشئة . والأخطر من كل ذلك ان تنكشف معالم اجتذاب متسعة للعديد من النواب المستقلين فيما بدأت تلهج الكواليس بما يسمي " احصنة طروادة " هنا وهناك . ترى، هل يجب تذكير من أصاب العطب ذاكرتهم بان الانهيار "تحقق " تحت حكم 8 اذار ؟