ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ٢٣ حزيران ٢٠٢٢

 
كتبت النهار

يعرف اللبنانيون أن الحكومة المقبلة لن تعمّر أكثر من بضعة أشهر. إنها محكومة دستورياً بالاستقالة عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية. طبعاً لبنان بلد المفاجآت، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس مضموناً البتة، ولا سيما أن الرئيس الحالي الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول المقبل قد يعمل على تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالتنسيق مع "حزب الله"، خصوصاً إذا ما لمس أن حظوظ صهره في الفوز بمنصب الرئاسة معدومة، أو لمس أن إمكانية التمديد له لعامين أو ثلاثة غير ممكنة، أو أنه فشل في التوصّل الى صفقة على مستوى الحصص في السلطة المقبلة (تعيينات وإقالات). لكن يحتاج الرئيس ميشال عون الى "حزب الله" ليتمكن من عرقلة الانتخابات الرئاسية. هو يراهن على إحساس "حزب لله" بأنه مهدّد بالحصار السياسي في الداخل، لأنه وإن يكن نجح في المناورة بين الشتات النيابي الذي تمخّضت عنه الانتخابات النيابية، فإنه يدرك أن أوراقه التي بها يسيطر على البلاد تتضاءل، تاركة مكانها وسائل الإكراه الدموية التي يمكنه استخدامها، لكن ليس بإستمرار.

"حزب الله" يحتاج الى قوى متواطئة معه مثل تلك التي استسلمت له على عدة مراحل منذ ٧ و١١ أيار ٢٠٠٨. هذا الأمر يعرفه عون، ويعرف أن مساحة التواطؤ مع "حزب الله" تتضاءل يوماً بعد يوم. الأفق الإقليمي ليس في صالح المشروع الإيراني، والحديث عن قيام "حلف ناتو" إقليمي عربي – إسرائيلي بمظلة أميركية جدّي، وقد يكون سببه أن الاحتواء بديل من الحرب أقله في المرحلة الراهنة التي تسبق موعد تمكّن طهران من الاستحواذ على القنبلة النووية الأولى لها.

عون يعرف تماماً أن "حزب الله" يحتاج الى حليف مسيحي رئيسي للمرحلة المقبلة. النائب السابق سليمان فرنجية حليف حقيقي وأمين لعلاقاته مع النظام في سوريا، ولارتباطه العضوي بـ"حزب الله"، لكن يعوزه التمثيل المسيحي الواسع، وبالتحديد في جبل لبنان. يهمّ عون أن يعقد صفقة طويلة الأمد مع "حزب الله" لعلمه أن أوراقه وأوراق صهره محروقة عربياً ودولياً. لا أحد في الخارج يريد أن يتعامل مع عون أو باسيل.

بهذا المعنى وضع فرنجية أفضل، لكن ارتباطه العضوي بـ"حزب الله" يقطع عليه الطريق ليكون رجل المرحلة المقبلة التي تتطلب إعادة التوازن الى المعادلة اللبنانية. هذا كله يؤثر في اللعبة الحكومية التي ستواكب الاستحقاق الرئاسي المقبل. من هنا فإن الحكومة المقبلة إذا تألفت فستكون حكومة سياسية بالدرجة الأولى، على اعتبار أن التغيير المنشود لن يكون قبل أن يحلّ رئيس جديد في قصر بعبدا من طينة مختلفة عن الموجود اليوم.

أيّ رئيس حكومة جديد، وأيّ حكومة جديدة، لن يكونا قادرين على إطلاق عجلة الإصلاح في مرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة انتقالية بين زمن وآخر. إن الاستشارات الملزمة التي تفتقر الى تحالفات واسعة النطاق تعددية تواجه التعيين الذي سيكون خلفه "حزب الله" هي الاستحقاق الثاني الذي ستخوضه قوى التغيير، ويجب أن تكون مناسبة لكي تراكم نضوجاً سياسياً، من خلال قدرتها على التمييز بين ما هو شعار دعائي وما هو تحرك سياسي هادف يُترجم بنتائج ملموسة. من هنا ستكون الاستشارات بالنسبة إلينا مناسبة لتقييم أداء هذه القوى الداخلة الى مجلس النواب الجديد.