فاتورة الخلوي 5 أضعاف… و”هيركات” على الشحن المسبق


كتبت كلير شكر في جريدة نداء الوطن

بدءاً من أول تموز، أي يوم غد الجمعة، سيكون قرار مجلس الوزراء الرقم 155 الصادر في 20 أيار الماضي موضع التنفيذ، والقاضي برفع تعرفة الخدمات الهاتفية والانترنت وخدمات الخطوط التأجيرية والشبكة الافتراضية عبر شبكة الألياف البصرية، والشبكة النحاسية والشبكة اللاسلكية للأفراد والمؤسسات التجارية والأعمال والشركات، وخدمات الجملة للشركات المرخّص لها تزويد خدمات الانترنت وخدمات نقل المعلومات.

وفق القرار المذكور، وافق مجلس الوزراء على عرض وزارة الاتصالات القاضي:

 أولاً

بخفض بدلات الاشتراكات ودقيقة التخابر بالدولار الأميركي للخدمات اللاحقة الدفع على شبكتيّ الخلوي اعتباراً من الأول من حزيران على أن تسدد على سعر منصة صيرفة. فجرى تعديل بدل الاشتراك الشهري من 15 دولاراً (على أساس سعر الدولار 1515) إلى خسمة دولارات (على أساس سعر منصة صيرفة أي حوالى 125 ألف ليرة) وفق ما اعتبرته وزارة الاتصالات تخفيضاً بنسبة 66,67%. كذلك جرى تعديل كلفة دقيقة التخابر الخلوي، من 11 سنتاً (على أساس سعر الدولار 1515، أي حوالى 165 ليرة)، إلى 4 سنتات (على أساس سعر منصة صيرفة أي حوالى ألف ليرة).

ثانياً

بخفض قيمة البطاقات المسبقة الدفع بالدولار الأميركي على شبكتيّ الخلوي على أن تسدد على سعر منصة صيرفة، فجرى تعديل كلفة دقيقة التخابر الخلوي من 25 سنتاً (على أساس سعر الدولار 1515 أي حوالى 375 ليرة)، إلى 8 سنتات (على أساس سعر منصة صيرفة أي حوالى ألفيّ ليرة).

يعني بالنتيجة، ستكون الفواتير الجديدة مضروبة خمس مرات عن الفواتير القديمة، يعني أنّ من كان يدفع حوالى مئة ألف ليرة، سيتكبد بعد الأول من تموز حوالى 500 ألف ليرة كفاتورة اتصالات خلوي.

وقبل ساعات من وضع بدء سريان مفعول التعرفة الجديدة، أبلغت وزارة الاتصالات أصحاب البطاقات المسبقة الدفع أنّه «ابتداءً من 1 تموز، تحوّل قيمة الرصيد من الليرة اللبنانية إلى الدولار، بقسمتها على سعر صيرفة». لماذا؟

لأنّه مطلع آذار الماضي، أبلغت شركتا الخلوي كل حاملي خطوط «ألفا» و»تاتش» المسبقة الدفع، بأن الرصيد المسجّل لديهم بالدولار ستتم «ليلرَته»، يعني ذلك أن من كان يملك، مثلاً، 10 دولارات، وجد 15 ألف ليرة بدلاً منها بعد احتساب الرصيد على أساس سعر الدولار الرسمي (1500 ليرة). يومها استندت وزارة الاتصالات إلى استشارة من هيئة الاستشارات في وزارة العدل لتحويل قيمة الرصيد من دولار إلى ليرة، لكنّ الوزارة لم تبلغ يومها الهيئة أنّ هذه «القلبة» هي مؤقتة أو انتقالية إلى حين رفع التعرفة، لتعود مجدداً إلى «دولرتها» ولكن هذه المرة على أساس سعر صيرفة.

في حينه، كانت الخشية لدى الوزارة كما لدى سائر مكونات الحكومة من انتفاضة شعبية جديدة شبيهة بتلك التي قامت يوم فكّر وزير الاتصالات السابق محمد شقير بفرض ضريبة 6 سنتات على تطبيق «الواتساب»، فقامت الدنيا ولم تقعد، ولذا جرى تأجيل قرار رفع التعرفة إلى ما بعد فتح صناديق الاقتراع، وقد تمّ عرض طلب وزارة الاتصالات في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، ومن خارج جدول الأعمال، قبل أن تصير الحكومة، حكومة تصريف أعمال. وها هي شركتا الخلوي تبلغان المشتركين بقرارهما إعادة «دولرة» أرصدة مشتركي البطاقات المسبقة الدفع.

هذا يعني أنّ كلّ من حاول استباق هذا القرار من خلال الشحن الرقمي «اونلاين»، لأكثر من شهر، سيعود ليدفع من رصيده المُشترى، فرق الأسعار، أي تخفيض رصيده. وهو ما يُعتبر نوعاً من «هيركات مقنّع» سيدفع ثمنه أصحاب الدخل المحدود الذين شحنوا خطوطهم لفترات اطول من المعتاد حيث ان الوحدات المُخزّنة في الهاتف تعتبر حقوقاً محفوظة لأصحابها سواء في عدد الدقائق أو في قيمتها، لكن وزارة الاتصالات قررت معاقبة الفقراء مع أنّ «المتهمين» هم التجار والمحتكرون الذين شحنوا عدداً قليلا من الخطوط ولكن بمبالغ خيالية، بطريقة «الاونلاين» لاعتقادههم أنّ بامكانهم بيع هذه الارصدة المخزنة والاستفادة من الفارق في الأسعار.

ولذا كان بالامكان، وفق التقنيات المتوفرة لدى الشركتين، أن تفصل بين الأفراد الذين شحنوا خطوطهم من باب توفير بعض المال، وبين التجار الذين قاموا بنفس العملية، إنما لتحقيق الأرباح، لكي لا تطبّق هذا «الهيركات» على الجميع بلا أي تمييز. بدليل أنّه في متن مشروع موازنة العام 2022 اعترفت الوزارة أنّ «بعض التجار أو الأفراد عمدوا في الآونة الأخيرة إلى شراء بطاقات تشريج من الشركتين المشغلتين بهدف تخزينها وبيعها في ما بعد بأسعار مرتفعة»، وأتاحت «استرجاع الثمن المدفوع». ويرجّح أن تضع الوزارة هذه البطاقات خارج الخدمة اذا لم تستعمل بعد الأول من تموز.

فالفوضى الحقيقية وقعت عبر السماح بشحن بعض الخطوط بملايين الدولارات لأهداف تجارية بشكل يفوق حاجة السوق، فيما الشركتان تعرفان تمام المعرفة أنّ الفائض سيكون في متناول التجار والمحتكرين. وهذا ما حصل، ليدفع أصحاب الدخل المحدود ثمن هذا العبث في الأسعار، وفق ما يقول أحد الخبراء الذي يؤكد أنّ الشركتين تعاملتا مع هذا الموضوع كما أساءت المصارف للودائع حيث تمّ السماح من قبل الشركتين بشحن عدد قليل من الخطوط بأكثر من 300 مليون دولار، وهكذا شاركتا في «مؤامرة البيع» وها هما تستعدان لتطبيق الهيركات وتخفيض قيمة الأرصدة الموجودة في هواتف المشتركين.

في النتيجة، يواجه قطاع الخلوي تعثرّاً تلو الآخر، حيث لا يتردد وزير الاتصالات جوني قرم في الإشارة إلى أنّ أكثر من 26% من المشتركين، أي حوالى مليون مشترك، سيجرون تعديلاً أساسياً في استهلاكهم من خدمات الخلوي وخصوصاً الداتا، بينما المطلوب الابقاء على حجم الاستهلاك ذاته اذا كان التطوير مستحيلاً في ضوء الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، علماً ان لبنان يتكبد سنوياً لتأمين سعاته من الانترنت، بين 4 و6 ملايين دولار