كتبت الجريدة
يعيش لبنان أزمات متوالية ما بعد الانتخابات النيابية. لا إمكانية للاستمار في ظل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وسط تحذيرات من خبراء ومتخصصين بأن الأوضاع النقدية والمالية والاقتصادية والمعيشية ستتفاقم أكثر.
سعر صرف الدولار في السوق السوداء بلغ معدلات مرتفعة جداً لم يبلغها من قبل، في حين أن التريث السياسي لا يزال قائماً؛ سواء فيما يتعلّق بانتخاب رئيس مجلس النواب، أو بالذهاب إلى تشكيل حكومة.
بالتزامن، برزت مواقف متعددة لكل من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب خلال زيارته إلى واشنطن حول أزمة معيشية سيقبل عليها لبنان، وستكون لها تداعيات غذائية سلبية. وذلك يتلاقى مع معطيات تفيد بأن الجيش اللبناني أيضاً شارف على وضع غذائي صعب جداً.
السياسيون في مكان آخر، كل طرف يسعى إلى تحسين شروطه، من دون إغفال السياقات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الوضع الداخلي اللبناني، خصوصاً في ضوء التصعيد الإيراني – الإسرائيلي المستمر، وتسريب الإسرائيليين لمعلومات عن استنفارهم على الحدود مع لبنان، تحسباً لأي ردّ إيراني انطلاقاً من الأراضي اللبنانية على اغتيال أحد قادة الحرس الثوري في قلب طهران. ولا ينفصل ذلك عن المعلومات حول إصرار الأميركي على إبقاء الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، وسط تعقيدات تطول التفاوض حول الملف النووي، وهذا كله سيكون قابلاً لأن ينعكس على الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله للإسرائيليين من الإقدام على القيام بأعمال الحفر والتنقيب عن النفط في حقل كاريش المحاذي للمياه اللبنانية، من دون إيجاد حلّ لمسألة ترسيم الحدود البحرية، ومن دون ضمان الحقوق اللبنانية.
ملف ترسيم الحدود كان حاضراً في زيارة اللواء عباس إبراهيم إلى واشنطن، إذ تشير مصادر متابعة إلى أنه عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أميركيين بارزين، من بينهم المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين.
كما أن تهديد حزب الله للإسرائيليين لا يزال قائماً، خصوصاً في حال أصرت إسرائيل على التنقيب عن النفط والغاز في حقل كاريش، وبدء عمليات الاستخراج، وهذا الأمر قد يؤدي إلى توترات أمنية وعسكرية تنذر بصدام أكبر، ما لم يتم التوصل إلى تسوية أو إلى تهدئة تسحب فتيل الانفجار.
أمام هذه الوقائع يستمر حزب الله في البحث عن تسوية داخلية ما بعد نتائج الانتخابات، خصوصاً أنه لا يريد لخصومه أن يستمروا بادعاء الانتصار، ولذلك يبحث الحزب عن اتفاق مع شخصيات وكتل متعددة لأجل الذهاب إلى انتخاب نبيه بري رئيساً للبرلمان، وإيجاد توافق على اسم رئيس الحكومة لتخفيف منسوب الانفجار الاجتماعي أو التوتر الأمني. وتشير المعلومات إلى أن الحزب يسعى إلى إيجاد شخصية يتم تكليفها برئاسة الحكومة تكون مُرضية لغالبية القوى والكتل، لكنّها تحافظ على علاقة قريبة منه، فلا يكون خارج المعادلة.