ابرز ما تناولته صحف اليوم الجمعة ٢٧ ايار ٢٠٢٢


كتبت صحيفة النهار

وسط الوقوف عند شفا المرحلة الأشد خطورة في المراحل المتدرجة للانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان يتراءى لنا ان كثيرين فقدوا القدرة تماما على التدقيق الموضوعي في المواقف والاتجاهات المعلنة للجهات المعنية بالكارثة المالية نظرا الى التكاذب المخيف الذي يطبع تسابق هذه الجهات على غسل الايدي والذمم من مسؤولية كل منها عن الانهيار . باتت مملة ومثيرة للتقزز هذه المسرحية الفاشلة والهابطة التي سقطت في مزالقها جهات كان يفترض ان ترقى الى مستوى أسوأ انهيار عرفه لبنان في تاريخه واطاح على نحو مفجع بواقع مالي ومصرفي بلغ في الحقبات والعقود السابقة للانهيار حدود صناعة اسطورة لبنانية في عالم المال والمصارف تفوقت على سويسرا نفسها . منذ أيام ، انفجرت مجددا باسوأ صور الانفجارات السجالية والإعلامية ، جولة تقاذف الاتهامات بالتسبب للمودعين اللبنانيين بمصير اسود غير مسبوق يتهدد ودائعهم يوما بعد يوم بالخسارة الساحقة فاذا بنا امام فريق حكومي مدافع عما سمي بسخرية فاقعة "خطة التعافي الاقتصادي" في مواجهة جمعية مصارف لبنان التي تمثل حقيقة الفريق الذي يتحمل التبعة الأكبر مع الدولة والطبقة السلطوية الممسكة بزمام السياسات الفاسدة المهترئة ومصرف لبنان سواء بسواء .

هذا "الكونسورسيوم" العملاق تفرج ويتفرج الان على اثنين من "أعضائه" يرقصان رقصة المخادعة امام الرأي العام المحلي والخارجي حول المسماة "خطة التعافي" فاذا بنا نكاد نظن ان جمعية المصارف صارت فرعا عقائديا لدى الحزب الشيوعي لفرط افراطها في التباكي على ودائع الناس والتهويل والتخويف من ان الخطة الحكومية شطبت مجمل الودائع بشحطة قلم ، ولا ندري باي "قلم" معبر تحبر بيانات النعي للودائع التي تحرك في الناس الرعب والذعر على ودائع "مدفونة" لدى المصارف إياها .

اما البيانات ذات الطابع الدفاعي الحكومي فتكاد تتمنى ان تجد فيها عبارة واحدة كفيلة بمنح المودعين النسبة الأدنى من الثقة حتى في ما يتراءى للفريق الحكومي المولج بالدفاع عن تلك الخطة العجائبية التي يعدها من عظائم إنجازاته انه "ضمانات" للتسعين في المئة من المودعين مع وعد ملتبس اشد غموضا للعشرة في المئة المتبقين بالبحث عن ضمانات أخرى لهم .

ولعل الأسوأ مما يتلقاه اللبنانيون في هذا التساجل الجاري بين الحكومة ، او بعضها ، وجمعية المصارف ، ان توقيته زاد الريبة وضاعف الشبهة وفاقم الشكوك بل ودفع بالمخاوف الى ذروة غير مسبوقة حول مصير الودائع في ظل هذا التهافت والهبوط والتخلي المخيف عن تحمل المسؤوليات والتبعات وتقاذف الكرة عن احد أسوأ الانهيارات المالية في العالم كله في القرنين الحالي والسابق . انفجرت "الفقاعة" بعنف بالغ غداة الانتخابات النيابية التي حملت رياح التغيير التي كانت ثورة 17 تشرين منطلقها الأكبر والاساسي كأن كل المتورطين في افقار الشعب اللبناني وفقدان ودائعه او التحجير عليها او تهريبها او سرقتها استشعروا اقتراب رياح مغايرة للزمن السابق بما يقرب اجل المحاسبة بشكل او باخر . كما انفجرت غداة أسوأ توقيت وإخراج أقدمت عليهما الحكومة في تهريب المسماة "خطة التعافي" المثيرة للخلافات والتباينات والتي تبدو بمثابة رصاصة الرحمة القاتلة في رؤوس المودعين رغم كل التنميق الانشائي باقرارها في الربع الساعة الأخير من عمرها قبل ان تتحول الى حكومة لتصريف الاعمال .

تلقى اللبنانيون وابلا من "الهدايا" الانهيارية عقب الانتخابات و"اعظمها" واشدها وقاحة انهم ضاعوا بين ادبيات الذين سطوا على ودائعهم "الشهيدة" وصاروا الان ملائكة الموت الرحيم !