الانباء الكويتية - عمر حبنجر
في لبنان العزف على إيقاع الانتخابات النيابية، والرقص على نغم الانتخابات الرئاسية...، والتي هي مبتدأ هذه المرحلة وخبرها، بمعزل عما يبدو ويظهر.
وما الضياع الحاصل في موضوع الانتخابات النيابية.. تجري أو تؤجل، تحط في 15 مايو أو تطير، الا جزء من لعبة معيارها الحقيقي رئاسة الجمهورية، وأيا يمكن أن ينتخب الرئيس المقبل الأفضل، المجلس النيابي الحالي، المسيطر عليه من أفرقاء الممانعة المرتبطين بإيران، أو المجلس التالي المنتظر انتخابه، والذي قد يكون افضل توازنا من القديم الحالي؟ وضمن هذه اللعبة، تقع سلسلة الشروط المدرجة برسم الإنقاذ المالي للبلد المنهار، ومعه الإصلاح السياسي والمصرفي وصولا الى الصفقات المرصودة، لحساب ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الإسرائيلي.
المصادر الفرنسية، تؤكد رغبة باريس بالتعاطي مع كل الافرقاء في لبنان، من اجل رسم القواعد الثابتة لعهد ما بعد الرئيس ميشال عون، وذلك بالتنسيق والتناغم مع الدول المهتمة بانتشال لبنان من هذه الحفرة، وعلى أمل التوصل الى اعداد رسم تشبيهي للرئيس العتيد من خارج «الكاتالوكات» المطروحة، والذي يفترض ان يكون على دراية حقيقية واعية باحتياجات البلد للنهوض والتعافي مع تقبل نوع من المتابعة غير المعلنة، من الاشقاء والأصدقاء، لضمان تحرره من إرهاصات العهد القائم.
المصادر ذكرت لـ «الأنباء» ان مختلف المقاربات، التقت عند شخصية قائد الجيش العماد جوزيف عون، لكن نائب رئيس حزب القوات اللبنانية، النائب في البرلمان اللبناني جورج عدوان، فاجأ مشاهدي برنامج «صار الوقت» من قناة «أم تي في» مساء الخميس بالقول: «ان صديقي الذي به افتخر العماد جوزيف عون قال لي: أنا لست مرشحا لرئاسة الجمهورية! وبصراحة اكبر، قال عدوان، المرشح على لائحة تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات والاحرار في دائرة الشوف، «انه اذا حصلت الانتخابات وعاد نائبا فلن يسمي الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي المقبل!» ورفض القول ان القوات تريد إسقاط جبران باسيل في دائرته البترون، وأضاف موضحا بل نريد إنجاح حلفائنا.
وفي تغريدة لها مغزاها نشر السفير السعودي وليد البخاري صورة له مع السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو، وقال: كان اللقاء مهما ومثمرا وتطرقنا خلاله الى آلية تنفيذ الشراكة المالية لدعم العمل الإنساني وتحقيق الاستقرار والتنمية في لبنان والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
بدوره سفيرنا في بيروت عبدالعال القناعي التقى السفيرة غريو، الناشطة على المضمار اللبناني الإنقاذي. وكان الوضع في لبنان محور الاهتمام المشترك.
جهات فرنسية أبلغت مراجع لبنانية ان المجتمع الدولي، سيعتبر اجراء الانتخابات في لبنان، اختبارا لقدرة هذه السلطات على الوفاء بالتزاماتها. مع قناعة هذه الجهات بأن التغيير المنشود في لبنان، لن يحصل من خلال الانتخابات النيابية وحدها.
وقد اتخذت الحكومة الميقاتية سلسلة إجراءات لصالح الانتخابات في موعدها، لكن ثمة نقاطا غير محسومة، قد تشكل سببا لتطييرها في اللحظة الأخيرة، خصوصا ان ما هو عالق حتى الآن حله متوافر، لكن ما يقلق المراهنين على الانتخابات، ان معظم العقبات الظاهرة في هذا السياق مرتبطة بوزارات وإدارات مستتبعة لرئاسة الجمهورية وللتيار الحر، إضافة الى تلميح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لتأجيل الانتخابات، من خلال اتهام أميركا بالعمل على ذلك؟ وهو ما نفته السفارة الأميركية واصفة هذا الاتهام بالسخيف.. وأضافت السفيرة الأميركية دوروثي شيا بالقول: «ان لا مجال للمناورة بشأن موعد الانتخابات اللبنانية».
المصادر المتابعة، كشفت عن أن الجاليات اللبنانية في الخارج أمنت مراكز الاقتراع ومستلزماتها، وعرضت نقل صناديق الاقتراع من بيروت الى السفارات في الخارج، لكن جواب وزارة الخارجية المقبوض عليها من جانب التيار الحر، لم يصل بعد.
الى ذلك، تعقدت التشكيلات الديبلوماسية، رغم ارتباطها بالاستحقاق الانتخابي، فتقدمت الملفات الاقتصادية على طاولة مجلس الوزراء، الذي انعقد في بعبدا، امس الأول. والخلاف على التشكيلات الديبلوماسية لم يكن مرتبطا بالكفاءة والمستوى، وإنما على الحصص والتقاسم، وتوزيع الجبنة، خصوصا بين الرئاستين الأولى والثالثة.
أما عن الإصلاحات المالية التي شغلت مجلس الوزراء فقد كان ابرز شروط صندوق النقد الدولي للتعاقد مع لبنان، تعديل قانون السرية المصرفية، الذي كان على طاولة مجلس الوزراء امس الأول، ضمن مشروع قانون معجل يفرض حذف مصطلح إطلاقا، الذي كان منسوبا لواجب كتمان السر لأسماء الزبائن وأموالهم. وبموجب التعديل يصبح على المصارف تقديم المعلومات هذه، حال تبلغت طلبا من السلطات القضائية في دعاوى الفساد والجرائم المالية أو بطلب من هيئة التحقيق الخاصة، أو لجنة الرقابة على المصارف أو المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، أو مصرف لبنان أو السلطات الضريبية. كما يحظر التعديل على المصارف فتح حسابات مرقمة، لا يعرف أصحابها غير مديري المصارف، أو وكلائهم، كما يفرض تحويل الحسابات المرقمة والخزائن الحديدية المؤجرة، الى حسابات عادية وخزائن، تطبق عليها كل متطلبات منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مع إلغاء الحجز على الأموال الموجودة في المصارف أحيانا، لكن هذه التعديلات ومعها خطة التعافي المالي لم تقر في مجلس الوزراء، انما اعطى الوزراء مهلة أسبوع لإدراج ملاحظاتهم عليها، وسط معارضات متعددة الوجوه والاتجاهات، التقت جميعها على ان هذه التعديلات، ومثلها مشروع الكابيتال كونترول المقدم من الحكومة، لا يمكن طرحه، قبل تحديد الخسائر المالية وتوزيع المسؤوليات والا يكون كارثيا بالنسبة لأصحاب الودائع في المصارف.