تحوّلت قضية «أموال المودعين» إلى قضية وطنية، تدور حولها اتفاقات وخلافات، سواء داخل الجسمين الحكومي والتشريعي، أو بين «جمهور المودعين» ونخب نقابات المهن الحرة، والمجتمع اللبناني ككل والطبقة الحاكمة، بصرف النظر عن مسمياتها وخبرياتها وتصنيفاتها.
فقد تمكنت جمعية «صرخة مودعين» وتحالف «متحدون» من تعطيل نصاب جلسة اللجان المشتركة المخصصة للكابيتال كونترول، التي كان من الممكن ان تسير قدماً في إقرار مشروع القانون، عبر ضرب حصار على مداخل ساحة النجمة، وسط اعتراض من كتل نيابية على المضي في مناقشة المواد قبل الاطلاع على خطة الحكومة للتعافي الاقتصادي، التي من المفترض ان تناقش في جلسة مجلس الوزراء اليوم، التي تعقد في السراي الكبير.
وقالت أوساط مراقبة أن ملفي الكابيتال كونترول وخطة التعافي لا يجوز الاستهانة بهما لجهة الضغط على الوضع، واحتمال تفجيره وسط الانقسامات الحادة بشأنهما ما قد تنعكس تردداتهما على معركة الاستحقاق المقبل.
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن استئناف البحث بخطة التعافي المالي لا يعني أنه قد تنجز لا سيما أن هناك ملاحظات لعدد من الوزراء حول بنودها، وأشارت إلى أن هناك اختبارا جديدا أمام الحكومة في هذه الخطة التي حملت عنوان مذكرة حلول سياسية واقتصادية، مشيرة إلى أن البحث قد يرحل إلى جلسات أخرى.
وأوضحت أن رئيس مجلس الوزراء سيعمل على سحب فتيل أي تفجير لحكومته. وقالت انه قد تكون هناك طروحات تتصل بالنقاط التي وردت في الخطة.
اعتبرت مصادر سياسية ان تهرب نواب تكتل الجمهورية القوية ولبنان القوي واخرين، من استكمال دراسة مشروع قانون الكابيتال كونترول في اللجان النيابية، كان لاهداف محض شعبوية وانتخابية وللفت الأنظار، وليس لاي سبب آخر وقالت: لو ان السبب الحقيقي وراء تهرب نواب التكتلين الاعتراض على مضمون المشروع ونصوصه، والحفاظ على مصلحة المودعين، كما اعلنوا بعد الجلسة، لكان الافضل، دراسة المشروع بالتفاصيل ووضع التعديلات التي يرونها ضرورية لتحسينه، ليكون في مصلحة المودعين، وليس لافتعال ضجيج، لا يغني ولا يسمن من جوع، الا بتأخير إقرار المشروع، وابطاء انجاز خطة التعافي الاقتصادي التي تعتبر بوابة حل الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة ووقف الانهيار الحاصل.
واشارت المصادر إلى ان هناك ازدواجية مكشوفة في مواقف النواب الممثلة كتلهم بالحكومة بوزراء، كانوا وافقوا على المشروع والاتفاقية الاولية مع صندوق النقد الدولي، وها هم يتهربون من مناقشة المشروع في اللجان النيابية، لتجنب مساءلتهم امام الناس، ومحاولة القاء مسؤولية اقرار المشروع على الحكومة لوحدها، والظهور بمظهر الرافض والمدافع عن حقوق المودعين، امام الرأي العام خلافا للواقع، تفاديا لتداعيات ما يحصل على الانتخابات النيابية المقبلة.
وشددت المصادر على انه في نهاية الامر، سيتم اقرار مشروع الكابيتال كونترول بالمجلس النيابي، لانه لا بديل عنه، لإنجاز خطة التعافي الاقتصادي وتسريع مساعدات صندوق النقد الدولي لحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة، ولو بعد الانتخابات النيابية، ولكن لا يمكن اسقاطه لمجرد معارضة بعض النواب له، لاعتبارات شعبوية وانتخابية.
فقد إنشغل لبنان امس بجلسة اللجان النيابية التي انفرط عقدها فلم تفلح في استكمال درس مشروع قانون الكابيتال كونترول، بينما كان الشارع يضج بالمحتجين امام مجلس النواب على المشروع ويمنع بعض النواب من الوصول الى البرلمان، وذلك وعشية جلسة مجلس الوزراء اليوم التي يليها مباشرة سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى السعودية لإداء مناسك العمرة. علما ان خطة النهوض الاقتصادي وضعت على جدول اعمال الجلسة في وقت متأخر.
وتعثر عقد جلسة اللجان أيضاً بسبب أعتراض نواب الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وسواهم، على مناقشة مشروع القانون قبل الاطّلاع على خطة التعافي والنهوض الاقتصادي التي وضعتها الحكومة. كما حالت اعتصامات نقابات المهن الحرة وروابط المودعين عند مداخل ساحة النجمة دون وصول النواب بسهولة ومنهم نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي.الذي زار السرايا الحكومية والتقى الرئيس ميقاتي، فيما سبقه مستشار رئيس الحكومة النائب نقولا نحاس ووضعه في اجواء ما جرى في اللجان.
وقال الفرزلي من السرايا: بعد اجتماع اللجان المشتركة الذي تأجل بانتظار تعيين موعد جديد لدراسة مسألة الإطلاع على ما سرب وقيل انه خطة حكومية، كانت زيارتي لرئيس الحكومة، وبعد اتصالات جرت مع رئيس مجلس النواب، إطلعت من رئيس الحكومة على كافة تفاصيل الموضوع. وكان صوت النواب جميعا، اننا لا نريد ان نذهب عميقا باقرار خطة إن لم نطلع على مسألة حقوق المودعين في خطة التعافي الاقتصادي، لأن كل نقاط في خطة التعافي الاقتصادي ستأتي في ما بعد بموجب مشاريع قوانين ندرسها ونقرها ونعدّلها، وهذا موضوع أخر. أما مسألة حقوق المودعين فلم تقرر بعد في مجلس الوزراء، وبالرغم من ذلك تفضل رئيس الحكومة ومساهمة منه باعطاء قوة دفع للاسراع بوضع لبنان على سكة الخلاص في ما يتعلق بما هو مطلوب كبنود خمسة من صندوق النقد الدولي للبنان لكي يقوم بإعدادها وتهيئتها من اجل وضع لبنان على سكة الخلاص.
رسالة ميقاتي للبرلمان
لكن رئيس مجلس الوزراء وجه رسالة في هذا الصدد الى مجلس النواب، مرفقة بنسخة عن الخطة المبدئية التي عرضتها الحكومة لوضع الملاحظات على مضمونها، علماً أن رئيس الحكومة كان قد طلب من الوزراء في الجلسة الأخيرة وضع ملاحظاتهم على المشروع قبل انجازه واحالته بموجب عدة مشاريع قوانين الى مجلس النواب لدرسها واقرارها».
وأكد الرئيس ميقاتي «حرص الحكومة على ضمان حقوق المودعين والتزامها المُطلق بالمحافظة عليها وضمانها، لا سيما صغار المودعين على النحو الذي جاء صراحةً في الخطّة التي عرضتها في جلستها المنعقدة بتاريخ الرابع عشر من الجاري».
وقال «إن مشروع القانون الرامي إلى وضع ضوابط إستثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة، يرمي إلى وضع ضوابط إستثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة، وهو، بهذا التوصيف، لا يتعلق بحقوق المودعين بل يشكّل ارضية يشترطها صندوق النقد الدولي في سبيل عرض خطة التعافي المنشودة على مجلس إدارته».
وقال: «أدعو جميع المعنيين الى مقاربة هذا الموضوع بموضوعية بعيداً عن المزايدات والشعبوية، بهدف الوصول الى حل منصف وعادل للجميع».
وبعد جلسة اللجان، قال رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان: ستُشطب 60 مليار دولار من الديون وسيتحملّها المودعون ولا يجب البحث في الكابيتال كونترول قبل إقرار خطة التعافي وأيّ كلام عن حماية المودعين من قبل رئيس الحكومة غير صحيح. ودعا الى خطة تحدّد المسؤوليات أولا ومن ثمّ يتم البحث في الكابيتول كونترول وأي بحث خارج مسار تحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر يعني إدخال البلد في المجهول.
اما رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، فقال: مستعدون لمتابعة نقاش الكابيتال كونترول بعد تعديله من الحكومة بما لا يحمّل المودع مسؤولية هريان الدولة بل مصرف لبنان والمصارف والدولة.
واضاف: صارحوا الناس بالحقائق وسؤال الحكومة عن خطتها وماذا ستفعل بودائع الناس ليس جريمة بل حق في ضوء التسريبات التي جرت لخطة التعافي.
بدوره، شدد أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على «توزيع الخسائر، بحيث تتحمّل الدولة المسؤولية بالدرجة الأولى بالاضافة الى مصرف لبنان والمصارف، الى جانب مَن استفاد من الفوائد الخيالية والهندسات المالية».
أضاف «أما المودعون، فلهؤلاء حقوق نرفض التفريط فيها رفضاً قاطعاً».
وقال ابو الحسن لـ «اللواء»: ان الطبقة الوسطى هي ركيزة الاقتصاد في البلد وهي الحافز الأساسي لإعادة تنشيط الاقتصاد اللبناني، وبالتالي ضربها من خلال ضرب ودائعها أمر مرفوض منا كلقاء ديموقراطي. لذلك من الضروري جدا عدم حرمانها من حقوقها في الودائع.
وقال النائب سيمون أبي رميا عبر حسابه على تويتر: لن يمر قانون الكابيتال كونترول على حساب المودعين. نحن بالمرصاد. ادعو الثوار الحقيقيين وشباب التيار الوطني الحر للتحرك والنزول الى الشارع دعماً لمواقف النواب الشرفاء الذين يدافعون عن حقوق المودعين والمواطنين. «مش كلّن يعني كلّن فاسدين. في الاوادم. كونوا حدّنا ومعنا».
دريان: لحفظ ودائع الناس
وفي السياق ذاته، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الدولة «إلى المحافظة على ودائع الناس ومدخراتهم، وان لا تكون معالجة الأزمة المالية والاقتصادية على حساب المودعين وجنى أعمارهم، وإنما على من أوصل البلد الى ما نحن فيه من ترهل على المستويات كافة.
وقال المفتي في تصريح له: لا يمكن أن نرضى بأن يكون المواطن هو الضحية في أي إجراء تتخذه الدولة ومؤسساتها، فمعاناة الناس كبيرة. علينا أن نساعدهم ونقف الى جانبهم وندعمهم، فلا يمكن بناء الوطن على حساب إفقار شعبه.
اقتراع المغتربين
وهذه الأجواء المتلاطمة حكومياً ونيابياً لم تمنع من الاهتمام بموضوع اقتراع المقتربين.
وفي هذا الاطار، ترأس رئيس الحكومة إجتماعا ضم وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ووزير الداخلية بسام مولوي خصص للملف. وإثراللقاء قال الوزير بو حبيب «بحثنا في قضية الانتخابات في سيدني ونحن ندرسها مع المسؤولين هناك وفي غيرها من الأماكن للخروج بقرار نهائي «. وعما يحكى عن عراقيل توضع أمام المغتربين للادلاء بأصواتهم قال «إن القنصل العام في سيدني شربل معكرون عمل بموجب ما طلبته منه لجنة الانتخابات وما إتفق عليه وزيرا الخارجية والداخلية، بأن يتم تقسيم المراكز في المدن الكبيرة وفقا للرمز البريدي للمنطقة، وهو نفذ ما طلب منه، ولكن ما حصل هو أن الاحزاب قوية في منطقة سيدني ومساحتها اكبر من لبنان، وقسم كبير من المغتربين تم تسجيلهم من قبل الأحزاب فحصل اختلاف بالرمز البريدي، وهذا لا تتحمل مسؤوليته الدولة او القنصلية او وزارتا الخارجية والداخلية إنما الأحزاب التي سجلت الناخبين على المنصة. وعن العوائق التي تواجه الوزارة في موضوع إنتخابات المغتربين قال «العائق الوحيد هو تأمين المال نقدا، ونحن في الاغتراب بحاجة الى 1200 مندوب لتوزيعهم على الاقلام، ويجب تأمين بدل اتعابهم نقدا، كما يجب تدريبهم، وبحسب القانون الذي وضعه مجلس النواب عام 2017 يجب أن يبقوا من السابعة صباحا حتى العاشرة مساء، وبعد اغلاق الصناديق عند العاشرة يجب أن يبقى مندوب مع كل صندوق الى صباح اليوم التالي موعد تسليم الصندوق لشركة الشحن DHL.و هذا لم يمنع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من التهديد بطرح الثقة بالوزير بو حبيب.
حملة أميركية ضد حزب الله
في تطوّر آخر، دفعت الخارجية الأميركية بحملتها ضد حزب الله، خطوة إلى الامام، إذ أعلن الحساب الرسمي لبرنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع للخارجية الأميركية عن 10 ملايين دولار مكافأة لمن يقدم معلومات عمن وصفتهما بممولي حزب الله، وهما: حسيب حدوان وعلي الشاعر.
148 إصابة جديدة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 148 إصابة جديدة بفايروس كورونا ليرتفع العدد التراكمي للاصابات منذ بدء انتشار الوباء إلى 1095959. كما سجل 3 حالات وفاة مما رفع العدد التراكمي للوفيات إلى 10369.