مَنْ يحاصر اللبنانيين بالليرة بعد الدولار والودائع والاسعار، والخراب الذي حلَّ بكل حيّ ودسكرة ومدينة وعاصمة ومحافظة ودار؟
لتاريخه مصرف لبنان ومعه المصارف الكبرى والصغرى العاملة يحاصرون اللبنانيين، مرّة بحجز الودائع، ومرة بسعر صرف للدولار بأكل مدخراتهم، ومرة بالشيك المصرفي، واليوم بسقف عاجز عن أبسط المتطلبات للسحوبات، والتصرف بالمساعدة الاجتماعية وكأنها مِنَّة من أصحاب البنوك والمتمولين، وليس من الدولة اللبنانية، لتأمر بصرف 60٪ فقط منها بالعملة اللبنانية، استناداً إلى ما وصفته بتعميم من مصرف لبنان.
بالمقابل، تحاصر القاضية غادة عون، وهي المدعي العام الاستئنافي بجبل لبنان المصارف، فتمنع من رؤساء مجالس إدارة هذه المصارف من السفر، وتودع جهاز الأمن العام كتاباً بهذا المعنى، حتى إذا ما تباطأ أو تأخّر بتنفيذ ما طلب منه، وضعته (أي جهاز الأمن العام) على قائمة الملاحقة، تماما كما حصل مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
وفي خطوة عملية، أبلغت النائب العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الأمن العام قرار منع السفر بحقّ رؤساء مجالس إدارة 5 مصارف لتعميمه.
وجاء في القرار: «جانب المديرية العامة للأمن العام، بناءً على القرار الصادر عن نيابتنا بتاريخ 10/3/2022 تقرر منع سفر كل من: سليم جورج صفير والدته منيرة (تولّد عام 1944 لبناني).
سمير نقولا حنا والدته رينيه (تولّد عام 1944 لبناني)، ريا محمد علي حفار والدتها بشرى (تولّد 1967 لبنانية)، سعد نعمان أزهري والدته صديقة (تولّد عام 1961 لبناني)، أنطوان مخايل الصحناوي (مواليد عام 1958 سجلّ 139/ المدور لبناني».
وتحقّق عون في ملف تحويل «مصرف لبنان» 8 مليارات دولار إلى 7 مصارف لدفعها لمودعين خارج لبنان، قبل أن يتبيّن أن مجموع المبالغ التي دفعتها المصارف فعلاً لم يتجاوز مليار دولار، وأنّها احتفظت بالمليارات السبعة المتبقّية في خزناتها.
وهكذا، إذاً، جمعية المصارف التي تواجه أزمة حادّة مع القاضية غادة عون، أعلنت انها ستلتزم بقرار مصرف لبنان بصرف 60٪ كسقف للسحب نقدا مما يعني ان على المعنيين استعمال وسائل أخرى بنسبة 40٪ المتبقية.
والانكى، ان السوبرماركات بعد الصيدليات ومحطات الوقود والمولدات، ذهبت بالمنحى الخطير: أي إلزام المواطن أو المستهلك بدفع فاتورته أو متوجباته مناصفة بالليرة الكاش، فضلا عن البطاقة الائتمانية، هذا بدوره، يطرح الأسئلة المعادة والمتكررة، من أين يأتي بالليرة، في ضوء الحصار المصرفي، والامتناع عن دفع الراتب أو المساعدة الا تحت سقف معين، يبلغك به الـATM، وليس الموظف المصرفي.
وإزاء ذلك، أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة رفض هذا القرار، واللجوء إلى السبل كافة للاعتراض عليه، محذرة من تصعيد لاجبار المصارف والمصرف المركزي في وقف هذه المهزلة، على حدّ تعبير نوال نصر رئيسة الرابطة.
كما رفض تدبير المصارف إلى رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، منتقدا غياب الدولة، ومتهما المصرف المركزي والمصارف بافقار الشعب اللبناني، كاشفا عن اتجاه الاتحاد للتصعيد.
وفي هذا الوقت، ماتزال قضية الميغاسنتر في الواجهة، في ضوء المقايضة الأخيرة في جلسة مجلس الوزراء.
ولاحظت مصادر سياسية أن معركة رئيس الجمهورية ميشال عون على إنشاء الميغاسنتر»، انتهت بالمقايضة على تعيين المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، بموقعه، بصفته المدنية بعد احالته على التقاعد بعدما كان هذا التعيين معرقلا ومرفوضا.
واعتبرت المصادر ان ما حصل يؤشر لمستوى التردي السياسي بادارة السلطة، والخفة بمقاربة المسائل والقضايا المهمة التي تهم المواطن معيشيا واجتماعيا، وتخوفت من ان يؤدي هذا التردي الانحداري في تحريك النقابات على اختلافها ومجتمعة للنزول الى الشارع قريبا، بعد ان ظهرت بوادر مثل هذه التحركات بالمواقف والاتصالات، وابدت خشيتها من تداعيات سلبية واهتزاز في الشارع، قد تؤثر على إجراء الانتخابات النيابية المقبلة.
وأشارت مصادر سياسية الى ان خسارة رئيس الجمهورية ووريثه السياسي النائب جبران باسيل معركة انشاء الميغاسنتر في مجلس الوزراء امس الأول، اغلق امامهما ما يمكن اعتباره، آخر محاولة لتأجيل الانتخابات النيابية، التي كان مخططا لها،لتأجيل الانتخابات الرئاسية لاحقا،تمهيدا للدخول في فراغ رئاسي، يطمح من خلاله الفريق الرئاسي،لبقاء عون بسدة الرئاسة، بذريعة ملء الفراغ واستمرارية تسيير شؤون الدولة،بالرغم من صعوبة وحتى استحالة تنفيذ هذا السيناريو، لموانع دستورية وسياسية، ورفض شعبي شبه مطلق.
وكشفت المصادر ان اكثر من تحذير ديبلوماسي على مستويات بارزة، ابلغ الى كبار المسؤولين، ينبه من خطورة تأجيل الانتخابات تحت اي ذريعة كانت، لان مثل هذه الخطوة التي يجنح الفريق الرئاسي لتحقيقها،لدوافع وغايات سياسية، وان كانت صعبة المنال، بسبب عدم وجود اكثرية بمجلس الوزراء أو بالمجلس النيابي للموافقة عليها، الا انها تخشى من وجود نوايا وتوجهات حقيقية لتأجيل الانتخابات،ويخشى ان تختلق ذرائع جديدة بالفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات.
ولم تخف المصادر السياسية، من تبلغ المسؤولين، عن توجه دولي لفرض عقوبات على كل المسؤولين الذين يسعون لتأجيل الانتخابات، الامر الذي ادى الى إسقاط كل محاولات التأجيل، خشية تنفيذ هذه العقوبات، وحتم على التيار الوطني الحر، تسريع خطى خوض غمار هذه الانتخابات، ترشيحاً، وتحالفاً.
من جهة ثانية، كشفت المصادر عن خلاف حاد ظهر في الجلسة الاخيرة بين وزير المهجرين شرف الدين،ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار،على خلفية التقرير الذي اعده وزير المهجرين وضمنه رؤيته وخطة للمباشرة باعادة النازحين السوريين الى بلادهم.
وتوقعت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» أن تصدر الحكومة سلة من التعيينات في الوقت المناسب بعدما كرت السبحة في عدد من الشواغر الأمنية، مشيرة إلى أنه ليس معروفا ما إذا كانت ستصدر على دفعات أم لا، مرجحة هنا تمريرها على دفعات وفق مقولة الاهم والملح، وأشارت إلى أنه إلى حين موعد حلول الانتخابات، تبقى جلسات مجلس الوزراء مفتوحة على احتمالات التعيبن ملاحظة أنه مرة يتم التأكيد على ضرورة ادراجها على بنود جدول الأعمال ومرة يتم التغاضي عن الأمر وذلك من قبل الوزراء.
على صعيد انسحاب وزير المهجرين عصام شرف الدين من جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، شرح مقربون من شرف الدين حقيقة ما جرى بعيدا من ملف النزوح فأكدوا ان الوزير يملك مشروع حل جذري للحفاظ على أموال المودعين من مؤونة لبنانية صرفة، يتعارض مع مشروع كان يزمع الرئيس ميقاتي طرحه لاحقا في شأن « تحميل الخسائر» الذي من المفترض أنه سيحمٌل المودِع ٥٥ ٪ من وديعته، اما النسبة الباقية فيصار الى تحويلها إلى رصيده بالليرة اللبنانية، ويستوفى على مدى عشر سنوات. وأنه لم يلقَ دعماً من وزراء حلفاء، قرّر الانسحاب.
وقالت انه بمجرد ان بدأ الوزير شرف الدين بعرض تقريره،حتى بادر حجار الى مقاطعته ثلاث مرات متتالية، من دون أن يتدخل رئيس الجمهورية الذي يرأس الجلسة، لوقف المقاطعة واستكمال مناقشة التقرير، ما دفع بوزير المهجرين الى مغادرة الجلسة من دون تدخل الرئيس لاعادته.
واعتبرت المصادر ان ماحدث يعطي دلالة واضحة بان التيار الوطني الحر ليس في وارد تسليم ملف اعادة النازحين السوريين،إلى أي وزير اوجهة سياسية اخرى، وان كان يمثل احد حلفاء التيار، وهو الوزير شرف الدين المحسوب على النائب طلال ارسلان.
وبعد غد الاثنين يعقد الرئيس نبيه برّي مؤتمرا صحافيا في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، يخصصه للكلام على الانتخابات النيابية وإعلان أسماء مرشحي الحركة وكتلة التنمية والتحرير في كل المناطق من الجنوب إلى البقاع وبيروت.
وارتفع عدد المرشحين للانتخابات النيابية، الذين تقدموا بطلبات ترشيح لوزارة الداخل الى517 مرشحا، بينهم 69 امرأة، وسط إرباك على الساحة الإسلامية السنيّة.
هكذا، دخل لبنان في مدار الانتخابات النيابية بعدما استسلمت القوى التي تسعى لتأجيلها لقدرها وايقنت ان لا محالة من إجرائها من دون إبتداع اسباب تأخير او تعطيل مثل إنشاء الميغاسنتر وتوابعها، فكثرت الترشيحات الرسمية حيث بلغ عدد المرشحين رسمياً للإنتخابات 517 مرشحا، بعد ان قدم 98 شخصا ترشيحاتهم امس، فيما يعلن كلٌّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الاثنين في 14 الشهر الحالي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم الاحد في 13 منه اسماء مرشحيهما، ويخصص بري مؤتمراً صحافيا عند الثالثة بعد الظهر للحديث عن موضوع الانتخابات.
ومن المقرر أن يحسم باسيل امر الترشيح في بعض المناطق، لا سيما في المتن في ضوء عدم تحديد النائب الياس بو صعب قراره النهائي المتوقع ان يعلنه يوم السبت المقبل لجهة ترشحه او عزوفه، على ان يقدم مرشحو التيار كافة ترشيحاتهم رسميا امام وزارة الداخلية يوم الاثنين 14 الجاري قبل انتهاء المهلة ليل الثلاثاء. فيما ذكرت الوكالة «المركزية» ان باسيل حسم امر دائرة جزين، بترشيح النائب السابق امل ابو زيد والنائبين زياد اسود وسليم الخوري، على ان تستكمل بعد انجاز التيار تحالفاته السياسية لاسيما مع الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله.
وكان البارز انتخابياً ايضاً تقديم الامين القطري السابق لحزب البعث عاصم قانصوه ترشيحه رسمياً، وهو قال لـ«اللواء»: انه قدم ترشيحه الى الانتخابات النيابية رسمياً عن احد المقاعد الشيعية في دائرة بعلبك – الهرمل، بصفته رئيس اللجنة التنفيذية المركزية للحزب وقيادتها في دمشق، وهي بالتالي أعلى رتبة من رتبة الامين القطري للحزب في لبنان.
اضاف: ننتظر تعليمات القيادة المركزية في دمشق التي ستُنسّق مع حزب الله لإختيار المرشح الذي تراه مناسباً، وبتعليمات وقرار مباشر من الرئيس الدكتور بشار الاسد.
واوضح ان القرار سيُتخذ خلال ٤٨ ساعة سواء في سوريا او لدى حزب الله، ومهما كان القرار لن تكون هناك مشكلة بيننا في الحزب.
يُذكر أن الامين القطري لحزب البعث علي حجازي تقدم ايضاً بترشيحه عن الدائرة ذاتها كما تقدم بترشيحه النائب الحالي الدكتور قاسم هاشم عن المقعد السني في دائرة النبطية - بنت جبيل – حاصبيا- مرجعيون. وعمار احمد عن المقعد العلوي في عكار. واعلن حجازي ان هؤلاء الثلاثة فقط يمثلون حزب البعث في الانتخابات. وتردد ان الحزب قد يرشح ايضاَ في عكار عضو اللجنة المركزية المحامي احمد خضر عثمان.
بالمقابل اعلن النائبان في كتلة «المستقبل» رلى الطبش والدكتور محمد الحجار عزوفهما عن الترشح التزاماً بقرار رئيس الكتلة والتيار الرئيس سعد الحريري. كما اعلن النائب والوزير السابق ميشال فرعون عزوفه، بسبب «ما تشهده دائرة بيروت الأولى من شرذمة بين الاحزاب والمرشحين بسبب قانون الانتخاب من جهة والخلافات من جهة أخرى».
الوضع المعيشي
وبقي الهم المعيشي طاغياً امس، فارتفعت اسعار اللحوم، وسعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 22000 ليرة و98 أوكتان 23000 ليرة، كما ارتفع سعر المازوت 29000 ليرة والغاز 9000 ليرة.
وأوضح عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس في بيان، أن «انعكاسات الحرب الروسية الاوكرانية والازمة التي نتجت منها بارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية، لا تزال تؤثر على أسعار المحروقات في لبنان وتزيد عبئها على الاقتصاد المحلي وعلى المواطنين».
ولكن طمأن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، إلى «بدء وصول بواخر المحروقات، وهو ما يُريح السوق اللبنانية». وقال: «نطمئن الى اننا سنشهد الاسبوع المقبل انخفاضاً في أسعار البنزين والمازوت إذا بقيت اسعار صيرفة والسوق السوداء كما هي الآن». وشدد على «ضرورة استيراد كميات أكثر للنفط من قبل الشركات والدولة»، مشيراً الى «ان الارتفاع الذي شهدناه اليوم (أمس) في جدول الاسعار سببه ارتفاع سعر «صيرفة» وسعر الدولار في السوق السوداء».
وسط هذه الاجواء، اجتمع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في السراي مع وفد من الاتحاد العمالي العام برئاسة رئيسه بشارة الأسمر الذي قال: بحثنا في الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به غالبية الشعب اللبناني، لناحية صعوبة تأمين السلع الأساسية في هذه المرحلة. وتباحثنا أيضاً في الواقع المصرفي، والفجوة الكبيرة التي يشير اليها الخبراء والمصرفيون والتي تكاد تصل الى 75 مليار دولار، والتوجّهات التي تُحكى عن تحميلها للمودِعين، وهو ما يرفضه الإتحاد العمالي العام رفضاً قاطعاً.
اضاف: سمعنا تطمينات من الرئيس ميقاتي في شأن الحفاظ على أموال صغار المودِعين، كما سمعنا أرقاماً يمكننا القول إنها قد تكون مقبولة، إنما لمزيد من الحوار حول تأمين أموال صغار المودِعين التي تصل الى ما يقارب ٩٣% من الأموال المودَعة في المصارف، وعدم تحميل المودِعين وزر هذا الوضع السيء الذي وصلنا اليه.
وفي السياق، أصدر وزير الصناعة جورج بوشكيان قراراً حمل الرقم 16/1 حظّر فيه «تصدير الموادّ الغذائية المصنّعة في لبنان والمدرجة في جدول مرفق بهذا القرار والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ منه، إلا بعد الاستحصال على إجازة صادرة عن وزارة الصناعة وموقّعة من وزير الصناعة حصراً تجيز التصدير، وذلك حتى إشعار آخر. ويُعمل بهذا القرار فور صدوره ويبلّغ الى مَن يلزم».
احتجاجات على انعدام الكهرباء
وإزاء تعثر برنامج الكهرباء، قطع عدد من الشبان المحتجين على انقطاع الكهرباء- اوتوستراد ميرنا شالوحي بإتجاه مستديرة الصالومي بالإطارات المشتعلة حيث تصاعدت أعمدة الدخان وغطت سماء المنطقة.
وغادر المحتجون المنطقة بسبب هطول الأمطار وعاد الوضع إلى طبيعته، بعد تسجيل موقف، قابل للتكرار والإمتداد إلى مناطق أخرى.
1083351 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 932 إصابة جديدة بفايروس كورونا و8 حالات وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1083351 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.