كتبت رجاء الخطيب في الديار:
من اللافت جداً ما يشهده لبنان وبيروت من مناسبات ميلادية على مستوى كبير بعد سنتين من الإنقطاع بسبب كورونا بالدرجة الأولى والأزمة الإقتصادية والنقدية. انتشرت هذا العام وبكثافة الأسواق الميلادية والحفلات الغنائية و«الرسيتلات الدينية»، وملأت الإعلانات مواقع التواصل الإجتماعي بأسعار دخول رمزية للبعض وبشكل مجاني للبعض الآخر.
درجت أسواق الميلاد المزينة بالأنوار منذ القرن الرابع عشر، وحرص الملايين على زيارتها والتمتع بعروضها. يتم افتتاحها في العادة قبل أربعة أسابيع من حلول الأعياد التي تبدأ في 24 كانون الأول من كل عام. تحولت أسواق الميلاد إلى نقطة جذب للناس والسياح حيث تباع فيها الأطعمة والمشروبات التقليدية والخاصة بالأعياد، كما يمكن فيها شراء الهدايا، لا سيما المنتجات الحرفية التي يتم إنتاجها محليا، كما وتشهد هذه الأسواق أيضا الكثير من الأنشطة الفنية والثقافية والترويحية لمختلف الأعمار.
ففي جولة سريعة على موقع Lebtivity.com يمكن ملاحظة العديد من النشاطات المعلن عنها والتي تصل إلى أكثر من ٢٩ نشاطاً ميلادي ونحو١٠ حفلات لرأس ألسنة الميلادية. برزت هذا العام مدينة البترون بقوة حيث اطلقت حدث «البترون عاصمة العيد» إلى جانب السوق الميلادي الكبير الذي ينتشر وبكثافة في أزقة المدينة التاريخية، وبشكل يأسر قلوب الزوار الذين يتوافدون من كافة المناطق اللبنانية للإستمتاع بهذا الحدث المميز في المدينة المميزة والجميلة.
مدينة أخرى تعز على قلوب اللبنانيين، بيروت، عاد قلبها ينبض من جديد ولو بوتيرة خجولة، حيث قامت جمعية «بيروتتنا» بتنظيم حدث ميلادي كبير يضم سوقا ميلاديا وسوق طعام بالتزامن مع احتفالات موسيقية تنظمها «بيروت تنشد». من يتجه إلى بيروت ليلاً قد لا يستطيع التصديق أنه سوف يجد أي أثر للحياة في قلبها، فالطرقات المؤدية إلى وسط العاصمة مظلمة، واشارات السير بها مطفأة، كما وأن أثار انفجار الرابع من آب لم تمح بعد بشكل كلي من محيط الوسط المحاصر بدبابات وسواتر اسمنتية لحماية من سرق ودمر وفجر وخطف اللبنانيين وافراحهم. ولكن كما كان اللبناني دائماً، مقاوماً للحزن، فإنه فور الوصول إلى وسط البلد حيث الحدث، ترتسم البسمة على الوجوه وتملأ السعادة القلوب، كيف لا وقد عانى هذا الشعب ما عاناه في سنتين عجاف ثقال ومات منه من مات ومن نجى يموت كل يوم. يشتاق اللبنانيون الى الفرح، فتنجح «بيروتتنا» في تحقيق أمنيته. إكتظاظ المارة والمشاة، أصوات الأغاني والاناشيد، روائح الطعام والحلويات، لعب وضحك الأطفال، لقد عادت بعض الحياة إلى بيروت!
على بعد بضع خطوات من وسط بيروت التجاري، يمتد الشارع الأجمل، الأكثر حياة، والأكثر ألماً. شارع الجميزة، سور بيروت الذي تلقى الضربة الأقسى في إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، يستعيد عافيته شيئاً فشيئا، وها هو اليوم يشهد قرية ميلادية أخرى تحت عنوان «منزل الميلاد في بيروت - حيث السحر يحدث» الحدث سوف يمتد على مدى يومي ١٨ و١٩ كانون الأول.
رئيسة مؤسسة جمعية House Of Christmas السيدة كارين طعمه قالت لـ «الديار»: أن هذا العام يبدو جلياً الفرق في الإعلان عن المناسبات الميلادية بكثافة أكبر، والسبب برأيها يعود إلى حاجة الناس إلى الفرح والإحتفال والتمويه عن نفسها، بالإضافة إلى كون بعض المناسبات عبارة عن حملات جمع تبرعات وتمويل للجمعيات التي هي نفسها بحاجة إلى دعم بهدف الإستمرارية في تقديم الدعم للمشاريع القائمة والعائلات المشمولة بهذه المشاريع.
وأكدت أن هكذا نوع من المناسبات يسهم بشكل أو بآخر بالمساعدة من الناحية الإقتصادية، ولكن لا يعتبر كافياً على الإطلاق ، كون المطلوب اليوم هو إرادة سياسية وعمل على المستوى الحكومي، متحدثة عن نشاط القرية الميلادية الذي تقيمة الجمعية، وتقول أن لهذا النشاط ثلاث أهداف رئيسة وهي:
- أولاً: الإستعادة، الحفاظ، وحماية الابنية التراثية والمساعدة في الحفاظ على الهوية الإجتماعية والثقافية للأحياء المختلفة في المنطقة.
- ثانياً: يهدف النشاط إلى دعم الأعمال الصغيرة بشكل إستراتيجي وتمكينهم من الحصول على إمكانية الوصول بشكل دائم لمدخول شهري وفرص عمل.
- ثالثاً: أن هذا النشاط يهدف أيضاً إلى دعم العائلات في مختلف المناطق اللبنانية بالمساعدات الغذائية والإحتياجات الأساسية من ضمنها الخدمات الطبية، تأمين المسكن، ودعم سبل العيش.