كتبت الانباء الكويتية:
كرّس البطريرك الماروني بشارة الراعي لقاءاته بمناسبة الميلاد وكذلك عظته التي ألقاها صباح امس للتأكيد على ثوابت اخراج لبنان من المأزق الواقع فيه، حيث جدد موقفه الرافض لتأجيل الانتخابات، وقال: لن نقبل بأي شكل من الأشكال عدم إجراء الانتخابات النيابية في مايو، مشددا أيضا على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لاحقا.
وقال الراعي لدى استقباله النائب ستريدا جعجع ووفدا من «القوات اللبنانية» زار بكركي مهنئا بأعياد الميلاد إن «إيماننا بلبنان أقوى من كل المشاريع الهدامة الموجودة، ونتطلع إلى الانتخابات النيابية إذ انها محطة دستورية مهمة وهي مناسبة للتغيير من خلال الوجوه الجديدة».
وفي ظل الشعبية المتنامية للقوات اللبنانية مسيحيا ولدى كل الطوائف الاخرى، اعتبر البطريرك أن حزب «القوات» معني بمسيرة قيام لبنان وهو بالطليعة في مسيرة النضال ليستعيد لبنان هويته وجماله، وفيما بدا ايضا أنه تزكية لرئاسة الجمهورية وصف الراعي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، بـ«الناسك والمخطط والمفكر وهذا ما يجب فعله إذ ان الكتاب المقدس يقول «الويل لشعب ليس فيه من يفكر».
بدورها، أكدت النائب ستريدا جعجع للراعي «أننا كجماعة أخذنا القرار بالصمود والمواجهة بحق وأننا لن نيأس أبدا، فنحن كحزب سياسي لدينا آلاف الشهداء وسبق لنا أن اعتقلنا واضطهدنا إلا أننا صمدنا وانتصرنا». وشددت على أن «السلطة السياسية الحاكمة اليوم في لبنان تخطف البلد وتشله عن سابق تصور وتصميم، من هنا تأتي أهمية المواقف السيادية الوطنية التي تتخذونها ومجلس المطارنة الموارنة خصوصا موقفك الذي أكد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، فهذه الانتخابات هي ضمانة لحصول الانتخابات الرئاسية في موعدها وهي أيضا فرصة للتغيير عبر النظام».
وكان الراعي اسمع الموقف ذاته للرئيس ميشال عون الذي انضم إلى المتضرعين من بكركي، وشارك البطريرك الراعي بقداس الميلاد.
وفي عظته الميلادية، بدا البطريرك الراعي كمن يطلق نارا باردة في مخاطبته للرئيس عون، بإعلان مساندته له «لكي يستعيد لبنان توازنه، وموقعه في العالم العربي وبين الأمم»، وقال: نساندكم لكي ترفعوا غطاء الشرعية عن كل من يسيء إلى وحدة الدولة والشراكة الوطنية، إلى النظام الديموقراطي ودور الجيش اللبناني وعمل القضاء، ولقد لمستم مدى الضرر الذي ألحقه هذا الواقع القائم بعهدكم الذي اردتموه عهد اصلاح وتغيير وتثبيت لهيبة الدولة».
وأضاف: «في هذا السياق نؤيد بقوة التزامكم بإجراء الانتخابات النيابية في الموعد الدستوري، وهي ضمان لحصول الانتخابات الرئاسية في موعدها وهي ايضا للتغيير عبر النظام».
وتطرق الراعي إلى الوضع اللبناني العام، لائما المسؤولين الذين فضلوا نزواتهم ومصالحهم وولاءاتهم المتنوعة على مصلحة لبنان وشعبه وقال «نهيب بالحكومة ألا تخضع للاستبداد السياسي، على حساب المشيئة الدستورية، فمن واجبها استئناف جلساتها لئلا يتحول الأمر سابقة وعرفا، يقيد عمل الحكومات».
وتناول البطريرك موقف ثنائي «حزب الله » و«أمل»، دون ان يسميهما عندما قال إن رهن مسيرة مجلس الوزراء بموقف فئوي، يشكل خرقا للدستور، ونقضا لاتفاق الطائف وتشويها للميثاق الوطني ولمفهوم التوافق، وهناك فرق كبير بين التوافق على القضايا الوطنية وفرض إرادة احادية عمدا على المؤسسات الدستورية، وعلى جميع اللبنانيين في كل شاردة وواردة». وكان الراعي عقد خلوة مع الرئيس عون، قبل القداس، في حين اعتذر عون للصحافيين: «لأني لن اتحدث اليكم اليوم ولاقوني يوم الاثنين، ساعتها رح احكي».
وذكرت قناة «أم تي في» ان البطريرك الراعي وجه لوما إلى رئيس الجمهورية خلال الخلوة بينهما قائلا: «لم نصدق أن الحكومة تألفت، فكيف نتركها اليوم عاجزة عن الاجتماع؟».
ولفتت أن الرئيس عون أوحى للراعي بأن هناك ما هو أكبر من قرارات الدولة يقيد مسار الأمور.
بدوره متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قال في عظة الميلاد: «بلدنا عالق بين مجلس وزراء معلق الأعمال وتحقيق يحاول النافذون تعطيله للحيلولة دون كشف الحقيقة التي يطالب بها ذوو ضحايا تفجير المرفأ وهذا حق لهم وواجب على الدولة».
الرئيس نجيب ميقاتي هنأ اللبنانيين بالميلاد وأكد العزم على تذليل كل العقبات من أجل إعادة جمع الشمل الحكومي لافتا إلى أن الأمور حاليا على حالها من الجمود وكل المبادرات الممكنة مؤجلة إلى ما بعد عطلة الأعياد.
وأضاف في تصريح لـ«النهار» البيروتية أن علاقته مع الرئيس نبيه بري لا تشوبها شائبة أو يداخلها تباين أو توتر، معتبرا أن المشهد الأخير أمام مدخل مقر الرئاسة الثانية في عين التينة فسره البعض على نحو خاطئ وربما مغرض، وحقيقة ما جرى أن الرئيس بري أبلغني عرضا ما وعندما سمعت ما انطوى عليه هذا العرض كانت ردة فعلي رافضة، وهنا قال لي بري: «معك حق بهذا الاعتراض، وانا لم انزعج من الرئيس بري، بل من العرض الذي نقله إلي».
واقع الحال، أن تعطيل الحكومة ومثلها مجلس النواب، مرشح للتمديد، بعد الهزة التي أصابت العلاقات بين الرئيس عون وتياره من جهة، وبين «الثنائي الشيعي» من جهة ثانية، على خلفية قرار المجلس الدستوري وسقوط صفقة التسوية المعروفة، لكن يبدو أن ثمة مساع لإعادة تدوير هذه الصفقة من خلال طرح «لقاح» تسووي جديد يجري تحضيره الآن على نار هادئة.
وتقول قناة «الجديد» إنه بعد حملة رئيس «التيار الحر» جبران باسيل على «حزب الله»، تولى وفيق صفا، رئيس جهاز التواصل في الحزب الوقوف على خاطر باسيل، ومسجلا استياءه من التسريب المفتعل لكلمة باسيل التي قال فيها: «يللي ما بيكون معنا ومع قضية الحق تبعنا عمرو ما يكون».
ويدرك باسيل ان «حزب الله»، هو رافعته الوحيدة في الانتخابات المقبلة، بعد فض تحالفه مع «تيار المستقبل»، الذي اعلن رئيسه سعد الحريري من ابو ظبي، انه بانتظار تحديد موعد الانتخابات ليبني على الشيء مقتضاه.
ويبقى السؤال، هل تنجح المساعي في تنفيس غضب «التيار الحر» ورئيسه باسيل، قبل الثاني من يناير موعد المؤتمر الصحافي الذي يتهيأ ليشن من خلاله هجومه المضاد على الحليف اللدود، بأمل أن يستعيد فيه وهجا شعبيا يتبخر على نار السنوات الخمس العجاف التي عانى منها اللبنانيون ولايزالون؟