مصير سوداوي بانتظار لبنان


اكدت مصادر سياسية مسؤولة لـ"الجمهورية" ان "ما يوجب على المستوى السياسي في لبنان اعادة اطلاق العجلة الحكومية، هو التقارير الخارجية لعربية والدولية التي ترد، وتعكس القلق البالغ على لبنان، والخشية عليه من احتمالات صعبة".

 

وكشفت المصادر عن تحذيرات عربية صديقة نقلت الى المسؤولين في لبنان، مبنية على معطيات شديدة السلبية تحيط بمستقبل هذا البلد واستمراره. ونقلت عن سفير دولة عربية كبرى قوله: لقد عبرنا امام الاشقاء في لبنان عن خوفنا من ان نخسره، وهذا يضع كل المسؤولين في الدولة كما سائر السياسيين، امام مسؤولية عدم الاستغراق، كما هو حالهم اليوم، في خلافات سياسية سطحية، وتجاهل تفاقم الازمة، الذي ينذر بأخذ لبنان الى ازمة علاجاتها مستحيلة».
 

واعتبر السفير المذكور «ان الوقت لم يفت بعد لوضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وهذا يقتضي بالدرجة الاولى صياغة تهدئة سياسية داخلية تقوم على مراعاة مصلحة لبنان بالدرجة الاولى، تواكبها اعادة اطلاق عمل الحكومة، الذي تأتى من تعطيله الضرر البالغ على لبنان».

 

تلك الصورة السوداوية حيال الوضع الداخلي، تتقاطع مع ما ورد «خلاصة تقديرية» وصفت بغير المطمئنة اعدتها جهات سياسية بالتعاون مع خبراء اقتصاديين وماليين وفيها:

 

اولا، ازمة لبنان آخذة بالتفاقم اكثر فاكثر داخليا، ومعدل الفقر في لبنان بلغ مستويات مُرعبة ويوشك ان يتخطّى عتبة التسعين في المئة من اللبنانيين.

 

ثانيا، ان عوامل التفاقم للازمة عائدة بشكل مباشر الى المنازعات السياسية، اضافة الى الانكشاف السياسي وتعطّل الحكومة وغياب خطواتها وخططها الانقاذية الطارئة، وكذلك افتقاد لبنان الى الدعم المباشر من قبل الدول الصديقة والشقيقة. بما يعني ان لبنان وحده في ازمته. وما يزيد من مخاطرها الآنية والمستقبلية، هو ضرب العلاقة مع السعودية ودول الخليج التي لا حصر لسلبياتها وضررها على الاقتصاد اللبناني كما على الالاف من اللبنانيين المنتشرين في دول الخليج.


ثالثا، إنّ ما يواجه لبنان، ليس مجرّد ازمة سياسية واقتصادية، وانما ازمة كيانية. فلبنان حاليا يخوض مخاضا عسيرا ليس الى حل يضعه على سكة الخروج من ازمته، بل مخاض للانتقال الى ازمة اكبر. خصوصا ان المؤشرات الاقتصادية والمالية وانهيار العملة الوطنية وتسارع ارتفاع الدولار بشكل متفلّت نحو سقوف خيالية، كل ذلك يَشي بإقبال لبنان على ظروف صادمة من حيث تأثيراتها الكارثية على الاقتصاد اللبناني، وكذلك من حيث قساوتها على الشعب اللبناني بكل فئاته.

 

رابعا، ان القلة القليلة من المؤسسات التي ما زالت عاملة، برغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها، والاكلاف الهائلة التي تتكبدها، تآكلت عوامل صمودها وينتظرها مصير سوداوي حيث لم تعد قادرة على الاستمرار، وباتت على مسافة زمن قصير من الاقفال.

 

خامسا، في موازاة هذه الازمة، ان الطاقم السياسي اثبت قصورا وتقصيرا مفجعا في مقاربة علاجاتها واحتواء تفاعلاها، بل اكثر من ذلك، انقاد هذا الطاقم وما يزال منقادا لمنطق التضحية بكل شيء خدمة لمصالح شخصية، والتعالي على مأساة لبنان وآلام اللبنانيين، ورفض تقديم التنازلات التي باتت اكثر من واجبة لاطلاق عمل الحكومة التي يرى العالم بأسره انها تمتلك القدرة على توفير العلاجات ولو بحدها الأدنى. وتبعاً لذلك فإن الامور في لبنان تسير نحو لحظة ارتطام، التي يبدو انها لن تتأخر كثيرا طالما ان لبنان واللبنانيين باتوا عالقين في قبضة سياسية تحرّكها الاهواء الخاصة، فلا يهمها جائع، ولا مريض ولا معوز الا بقدر ما يمكن ان تستثمر على مأساته لغايات مصلحية وحسابات سياسية وحزبية.


وتنتهي هذه الخلاصة الى التنويه بأن لحظة الارتطام المنتظرة لن تشبه ما سبقها، حيث لن يسلم أحد من غضب الجائعين ولن يكون في مقدور احد ان يوقف خروجا فوضويا لفئات شعبية لم يعد لديها ما تخسره سوى غضبها الذي ستوجهه حتما ضد من تسببوا بإفقارهم ووجعهم وبويلات هذا الوطن.