انفجار مرفأ بيروت وما ادراكم


مؤسف حقاً ألا يشعر اللبنانيون أنهم في دولة إلا في الفواجع الكبرى. ومقلق فعلاً ألا يشعروا أنهم ينتمون إلى مجتمع إلا في الكوارث الكبرى، لكأنه الذي يختبر الوطن الصغير ويدفع شعبه الممزق نحو الشراكة في الحزن والحداد، ليس إلا.
لا وقت للمزايدة ولا للإختلاف أمام هول الكارثة، 2750 طناً من نيترات الأمونيوم، كانت مخزنة بشكل غير آمن أدت إلى مقتل 219 شخصاً، وإصابة 7000 آخرين، التي تعامل معها الجميع في إنتظار التحقيق. اشتعلت واحترقت ومن ثم انفجرت، هذه الكمية الكبيرة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، أدخلت اللبنانيين في الحزن سواء، وما من منزل لبناني إلّا وشعر أن الفاجعة أصابته، أو هزت أعصابه بعنف.
نستغرب ونحتار، كيف أن التحقيقات توقفت ولم يحاسب أحد حتى الآن عن الإنفجار، الذي ابتلع الضحايا وإحتدام القوى السياسية المختلفة. عيّن القاضي بيطار للتحقيق في هذا الإنفجار كمحقق عدلي، وأمرت محكمة التمييز بعد تسلمه هذا الملف، بتنحيته عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء السابق وثلاثة وزراء سابقين.
جمّد التحقيق مرات ومرات، لإتهام القاضي بيطار بالتحيّز، وإعتباره متأثراً بالسياسة وأن المسار القضائي المتبع في هذه القضية يدفع البلاد نحو الفتنة، رغم أنه تبيّن أن بعض المسؤولين على مستويات سياسة وأمنية وقضائية كانوا على دراية بوجود النيترات ومخاطر تخزينها دون معالجة أمرها.
من هو المعني بالترتيب عامودي بالمسؤولية، وأفقياً في البحث عن الأطراف في انفجار مرفاء بيروت وحادثة الطيونة في دولة القانون في مدينة بيروت ام الشرائع. رغم ان عجلة العدالة تسير ببطء إنما في الإتجاه الصحيح حتى ولو كانت عناوين المطلوبين في دار افتاء أهل السنة، أو أهل الشيعة أو النصارى. ومما لا شك فيه، أن المحقق العدلي لا يهاب التهديدات والتي هي غير مثمرة بإسم الأحزاب أو الطوائف أو ما تصنعه الدولة المالية العميقة من أشكال لا تخيف إلّا الجبناء. المحقق العدلي يقف عند عتبة باب البطولة والمجد والتاريخ القضائي، الإجتماعي، والإنساني. لا يخشى العدالة إلّا المتهم الخائف من ذنب ولا يحمي خائف من ذنب، إلّا من يخشى أن يقول المتهم معلومات أكثر مما يجب، فيورطه في المحاكم.
وكي لا يقال ان الاستنسابية سيدة نوايا القاضي، لا بد ان يستدعي الجميع من مسؤولين سابقين إلى مسؤولين أبان انفجار بيروت الغامض كي يتساوى الجميع من قائد سابق للجيش، وكل رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا من يوم دخول باخرة النيترات الى بيروت، لحين وقوع كارثة الإنفجار، ولتكن محاكمة العصر ومن تثبت برائته ينجو ومن يعجز محاميه عن الدفاع عنه فليسقط. 
حقيقة صدق من قال يوماً أن لبنان بلد العجائب والأعجوبة بإمتياز بلد تتمازج فيه كل أشكال التناقضات وتتقاطع فيه أيضاً، كل نماذج الإنكار للحقائق والوقائع، نسيج متنافر بالتطلع والإستراتيجية ولا يجمعه سوى الإسم بأنك لبناني أكثر من عشر سنوات. 
استفحال غير مسبوق بكل قطاعاته الإقتصادية، الصحية والسياسية والذي جعل من أزاماته منصة تصفية حسابات بين السلطة والشعب.
وللبقية تتمة...

تلميذ المعلم كمال جنبلاط 
حاطوم مفيد حاطوم