غرفة عمليات أم سفارة؟


 البناء
يكفي النظر للمخططات التي كشف عنها بالصور لما سيكون عليه مبنى السفارة الأميركية في عوكر، ولما تم إنجازه من الأبنية المتصلة على شكل مستوطنة تضم ألفي غرفة بشكل أفعى متلوية، للتساؤل عما إذا كان تخديم العمل الدبلوماسي لدولة كبرى كأميركا في بلد صغير كلبنان يستدعي هذه المستوطنة التي يفترض أن تضم بين جنباتها قرابة الألفي موظف يعادلون قرابة الـ10 في المئة من إجمالي موظفي وزارة الخارجية الأميركية الذين يبلغون 28 ألفاً، بمن فيهم الدبلوماسيون والموظفون المدنيون والملحقون بالوزارة من الأجانب، فكم سيكون حجم السفارة الأميركية في الصين وعدد العاملين فيها بقياس الأهمية التي تزعم واشنطن أنها توليها كأولوية للصين، وقياس عدد السكان، الذي يعادل 300 مرة عدد سكان لبنان، فهل يعمل في سفارة بكين 600 ألف موظف من أصل 28 ألفاً يعملون في الخارجية كلها؟

 الدولة اللبنانية ليست مجرد ساعي بريد في التعامل مع السفارات، التي تتولى تمثيل حكومة بلادها، فالسؤال الذي يطرحه الأمن القومي والوطني، هو بالتحديد هل نحن أمام غرفة عمليات أمنية عسكرية، تقود العمل الاستخباري والعسكري في المنطقة، بما تتضمن من غرف التنصت والتحليل، وإدارة الحرب الإلكترونية والإعلامية والعمليات الخاصة، تحت ستار السفارة والعمل الدبلوماسي؟

 بالمقارنة مع السفارة الأميركية في بغداد التي قيل إنها أغلى وأضخم سفارة أميركية وغير أميركية في العالم، تبدو مساحة أرض السفارة في بغداد أكبر من مساحة السفارة في بيروت حيث تبلغ أكثر من مئة فدان أي أكثر من 400 ألف متر مربع مقابل مساحة ضخمة أيضاً للسفارة الأميركية في لبنان التي تزيد مساحة الأرض المقامة عليها أبنية السفارة الجديدة عن 170 ألف متر مربع، لكن المساحة المبنية في بيروت تبدو أضعاف تلك المساحة في سفارة بغداد، حيث الاستخدام لمساحة الأرض في بغداد يعطي الأولوية لمدرجات الطائرات، بينما في بيروت تبدو الأولوية للمساحة المبنية لضم عدد هائل من العاملين، وتكفي مقارنة الكلفة بين قرابة 570 مليون دولار لسفارة بغداد و1200 مليون دولار لسفارة عوكر ليظهر أن أضخم السفارات الأميركية في العالم وأعلاها كلفة هي السفارة الأميركية في لبنان.

 هل يفكر المسؤولون اللبنانيون في التساؤل “السيادي” عما يجري فوق أرض بلدهم؟