من مدينة بيروت التي تحدت الدهور والعصور والأزمان نستذكر كمال بك جنبلاط، الذي تحدى التسلط والظلم والحرمان، ورفع شعار التحرر من الذل والجهل والأوهام.
وأدرك أنه لا بد من الصبر والثبات لتحقيق وحدة الشعب ووعيه، ليسلك طريق النجاح والفلاح.
اعترف كمال بك جنبلاط، بمرارة وألم أن المشكلة التي جهد لحلها كانت أوسع وأعمق مما بدت في البداية، أخذ على عاتقه، بشجاعة قل أن تجد لها مثيلا عند السياسيين، تبعة الهفوات
والأخطاء التي ارتكبت.
وكانت أشد ايلاما بالنسبة إليه خيبة الأمل في الأنظمة العربية التي لم تمد إليه يد العون، بل على العكس وقفت في وجه مشاريعه السياسية وأحبطتها.
فقد كتب كمال بك بأسف شديد: (لقد عللنا أنفسنا بأوهام حول موقف الشعوب العربية والأنظمة التي تحكمها.
فالسياسيون والقادة العرب، بل وشعوبهم كذلك في كثير من الأحيان، غالبا ما يعوذهم الروح الإنساني الذي يصنع عظمة مصائرنا.
ففكرة الدولة بمعناها الحديث غائبة بصورة دائمة تقريبا عن اهتماماتهم، وغالبية هذه الأنظمة هي صورة رعناء مشوهة وقحة عن الفاشستية من جهة، وعن الديكتاتوريات العسكرية في أميركا اللاتينية من جهة أخرى، حزب واحد، أيديولوجية واحدة، مخابرات، احتقار الحريات وحقوق الإنسان، طريقة تنظيم الأحزاب وبنائها، الشعارات الخ... ولكن دون الإنطلاقة الثورية الحقيقية، ودون حق الفكر الثوري الخلاق.
أما بالنسبة الى الأنظمة التي نسميها رجعية، فالواقع أسواء: الأمير أو رجالات الحكم يعتبرون غالبا أن الدولة وعائداتها هي ملك لهم.
وقد لا يرى المرء منطقا كبيرا في الآمال التي ظل كمال بك يعلقها حتى آخر لحظة على فهم العالم العربي له، وتوقع الخير من الحكام العرب.
ومما لاشك فيه أن كمال جنبلاط نادى بمقاومة العدو الصهيوني، عند قيام دولة الباطل، ولم يبق شيء في مكانه الصحيح.
أما وليد جنبلاط يَصِف الخليج بقلب العُروبة النابض راهنًا.. وهو كان وسيبقى الحاضن الاساس لمصالح لبنان واللبنانيين.
صحيح أن للكلام أوقاتا يضر فيها الخطأ ولا ينفع الصواب، ولكن الصحيح أيضا أن الكلمة تبقى في مطلق الأحوال الوسيلة الفعالة الوحيدة للوصول إلى الغاية.
أين الثريا من الثرى، وأين الصغير من الكبير كمال بك، فوليد الذي لا يعرف حدا" يقف عنده، يشبه الطفل الذي يلعب على رمال الشاطيء، يبني قصورا" من مجسمات تلك الرمال، التي تبقى عرضة للزوال والسقوط أمام الأمواج العاتية.
فالى وليد بك جنبلاط الذي لم يأخذ من كمال غير الاسم نسألك إلى أين؟ كفى قفزا" في المجهول صعودا" ونزولا في منحدرات الميادين السياسية، محاولا" سباق الزمن لتحقيق احلامك المنحوتة وفي داخلها الطغيان والتكبر على الحق والاستعلاء على الخلق...
وبلا شك سنرى الظالمون المتكبرون يوما ما في مستنقع أوحال أنفسهم يغرقون...
تلميذ المعلم كمال جنبلاط
حاطوم مفيد حاطوم