مشهد لبناني متفجر بين السياسة والحرب
تنافست الأحداث والتطورات الديبلوماسية والعسكرية والسياسية في رسم مشهد لبناني مشحون أمس، حيث تداخلت المخاوف من اتّساع الحرب الإسرائيلية مع التوتر السياسي النيابي المتصاعد نتيجة انفجار الخلاف حول قانون الانتخاب. فإطاحة الجلسة التشريعية شكّلت ضربة معنوية لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما الأنظار تتجه إلى جلسة مجلس الوزراء اليوم، التي تتصدر جدول أعمالها مسألة تعديل قانون الانتخاب، وسط ترقّب لمعرفة ما إذا كانت ستشهد تصويتاً حاسماً.
زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس: تفاوض أم تهديد؟*
على الصعيد الديبلوماسي، برزت جولة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس على الرؤساء اللبنانيين، في ظل تضارب الأجواء حول أهدافها الحقيقية. ورغم نفي بعبدا وعين التينة نقلها أي تهديدات أو تحذيرات من حرب إسرائيلية، إلا أنّ المعلومات أفادت بأنها عرضت مساراً تفاوضياً جديداً بين لبنان وإسرائيل، محذّرة من استمرار “حزب الله” في تطوير قدراته التسليحية. وأبدت أورتاغوس امتناعها عن الإدلاء بتصريحات أو إصدار بيان، ما زاد الغموض حول فحوى زيارتها، خصوصاً مع مشاركتها في اجتماع لجنة “الميكانيزم” في الناقورة قبل وصول الموفد الأميركي توم برّاك.
لقاءات أورتاغوس الرسمية: تفعيل الميكانيزم ودعم الجيش*
في بعبدا، أكّد رئيس الجمهورية جوزف عون أمام أورتاغوس ضرورة تفعيل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية “الميكانيزم” ووقف الخروقات الإسرائيلية، مشدداً على تمكين المواطنين الجنوبيين من العودة إلى منازلهم.
وفي عين التينة، عرضت الموفدة مع الرئيس نبيه بري خيارين: التفاوض المباشر مع إسرائيل أو غير المباشر عبر اللجنة الموسّعة، ناقلةً ما يتردد عن تهريب أسلحة من سوريا من دون تأكيده. ورد بري قائلاً إن “التهديدات الإسرائيلية مضخّمة ولا حرب حتى الآن”.
أما في السرايا، فشدد رئيس الحكومة نواف سلام على أن هدف أي مفاوضات هو تطبيق إعلان وقف الأعمال العدائية والانسحاب الإسرائيلي الكامل، داعياً إلى مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن، وآخر للتعافي الاقتصادي. كما التقت أورتاغوس وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد للبحث في دور الوزارة في الاستجابة الإنسانية.
*تحرك مصري موازٍ: دعم واستقرار*
في موازاة التحرك الأميركي، زار وفد أمني مصري برئاسة رئيس الاستخبارات حسن رشاد الرؤساء اللبنانيين، حيث أطلعهم على الجهود المصرية في غزة وأبدى استعداد بلاده للمساعدة في إرساء الاستقرار في لبنان، لا سيما في الجنوب. وقد شكر الرئيس جوزف عون مصر على دعمها المستمر، موجهاً تحياته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي ومثنياً على أي جهد مصري يسهم في وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
* أزمة نيابية: تعطيل الجلسة التشريعية وضربة لبري*
على الصعيد النيابي، نجحت الكتل المعارضة، ولا سيما “الجمهورية القوية” و”الكتائب” و”تحالف التغيير”، في تعطيل جلسة التشريع المخصصة للانتخابات عبر إسقاط النصاب، ما اعتُبر ضربة سياسية جديدة لرئيس المجلس نبيه بري. فقد حضر 63 نائباً فقط، ما أدى إلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد. واعتُبر هذا التعطيل رسالة سياسية واضحة لإعادة تصويب عمل المجلس ورفض ما وصفته المعارضة بـ“التسلّط التشريعي”.
* ما بعد التعطيل: رسائل تهدئة واستعداد حكومي*
في المقابل، اعتبر نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب أن عدم انعقاد الجلسة قد يفتح باباً للحوار والتفاهم. وعشية جلسة الحكومة المقررة اليوم، سُجلت خلوة بين الرئيسين بري ونواف سلام تخللها حديث إيجابي عن احتمال تجنب التصويت على مشروع تعديل قانون الانتخاب.
في هذا الإطار، دعا نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” جورج عدوان رئيس الحكومة إلى الانحياز لموقف الأكثرية في جلسة اليوم، مؤكداً أن “لا خلاف شخصي بين بري وجعجع، بل خلاف بين نهجين سياسيين”. وأوضح أن “القوات” ستحضر جلسة الموازنة المقبلة ولن تقاطع التشريع كلياً.
