Achrafieh News 📰
د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي
في ظلّ الظروف السياسية الراهنة، يبدو أنّ انتخاب رئيسٍ للجمهورية في لبنان لا يزال معقّداً ومؤجّلاً بسبب تضارب المصالح الداخلية والخارجية.
غالباً ما تكون الجلسات النيابية المتعلّقة بانتخاب الرئيس مسرحاً للشد والجذب، حيث تتبدّى التناقضات بين القوى السياسية بشكلٍ واضحٍ، ما يجعل تحقيق النصاب أو التوافق على مرشّحٍ أمراً صعباً.
إذا لم يتّفق الأطراف على اسم مرشحٍ يحظى بدعمٍ داخليٍ ودوليٍ، فمن المحتمل أن تستمر هذه “التمثيليات” لفترة أطول.
في نهاية المطاف، يبقى الأمل في أن يعي المسؤولون خطورة الوضع، ويعملوا بجدية على إنهاء الشغور الرئاسي لتجنّب المزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
جلسة الغد قد تكون مشابهةً للجلسات السابقة، حيث يتمّ استعراض مواقف سياسية دون التوصل إلى نتيجةٍ عملية.
إذا لم يحدث خرقٌ مفاجئ في المشهد أو تنازلٌ من أحد الأطراف، فسيبقى الانقسام سيّد الموقف.
أعتقد أنّ حلّ الجمود الحالي يتطلّب أكثر من مجرد شخصيةٍ قادرةٍ، بل يتطلّب توفّر ظروفٍ سياسيةٍ داخليةٍ وإقليميةٍ تُتيح الوصول إلى تسوية.
تاريخياً الانتخابات الرئاسية لم تكن مجرّد قرارٍ داخلي، بل ارتبطت دائماً بتوازناتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ ويأتي التعيين من الخارج دائماً.
قد تكون هناك شخصيات تتمتّع بمواصفاتٍ وسطيةٍ قادرة على بناء جسورٍ بين الأطراف، لكنها تحتاج إلى توافقٍ داخليٍ ودعمٍ خارجيٍ حتى تتمكّن من كسر الجمود.
ومع ذلك، المشكلة لا تكمن فقط في غياب الشخصية المناسبة، بل في غياب الإرادة السياسية الحقيقية عند الأطراف اللبنانية وفي التداخل العميق للمصالح الإقليمية والدولية.
لبنان، بحكم موقعه الجغرافي ودوره التاريخي، دائماً ما كان ساحةً لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية، لذلك من الصعب تجاهل الحاجة إلى نوعٍ من التفاهم الإقليمي والدولي لدعم الاستقرار. لكن يجب أن يكون هذا الدعم مكملاً لإرادةٍ لبنانيةٍ جامعةٍ، لا أن يكون بديلاً عنها.
إذا لم تتحقّق تسويةٌ كبرى تشمل توازناتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، فإنّ الشغور الرئاسي قد يستمر، وستبقى المؤسسات في حالة شللٍ جزئي، مما يزيد من تدهور الأوضاع كون الخطر على الأبواب ...