في حال إندلعت الحرب... خبير إقتصادي يحذّر من "سيناريو مخيف"




يأخذ القلق من أي حرب مقبلة عند اللبنانيين أبعاداً أكبر من حجم الدمار الذي من الممكن أن يتعرض له لبنان، لا سيما أن الظروف الإقتصادية اليوم تختلف كلياً عن الظروف السابقة التي تعرض لها لبنان، حيث قضى الإنهيار الإقتصادي منذ عام 2019 على كافة مقومات صمود اللبنانيين كما حصل سابقاً، مما يضعنا أمام خوف كبير من انهيار ثانٍ في حال وضعت الحرب أوزارها.


يرى الخبير الإقتصادي أنطوان فرح، "، أنّ "حرب الإستنزاف والتي بدأت في تشرين الأول من عام 2023 إنعكست بخسائر على الإقتصاد اللبناني".

وهنا، يفرق فرح بين نوعين من الخسائر: "خسائر مباشرة وهناك جزء منها يتعلق بالأضرار المادية و المزروعات كذلك أضرار مباشرة بعض القطاعات الصناعية الصغيرة المتواجدة في الجنوب، وتقديرات هذه الخسائر تختلف من دراسة إلى أخرى وما يقال هو أن هذه الخسائر تتراوح ما بين المليار والمليارين دولار، وكذلك فإن الجزء الثاني من الخسائر المباشرة تبينت من خلال الإيرادات السياحية، فصيف عام 2023 كان نشيطاً جداً، وبالتالي إتسمت الإيرادات السياحية يالإيجابية الكبيرة ووفق التقديرات سجلت ما يقارب الـ 5 مليار دولار، وكان هناك أمل بوصل الصيف بموسم الأعياد والشتاء بحيث يستمر هذا الزخم، لكن عند بدء حرب الإستنزاف توقف هذا الأمر، وحتى عمل المؤسسات غير السياحية تراجع وأغلبية الحركة الإقتصادية تراجعت بنسب معينة".

اذًا كل هذه العوامل، حسب فرح "تسببت بتراجع النمو، حيث كان هناك تقديرات تشير إلى إمكانية أن يكون النمو ما بين 1 إلى 1.5%، إلا أنه تراجع بحيث بلغت الخسارة حوالي النصف بالمئة على الأقل وهذا في الأشهر الأخيرة من العام 2023، وفي عام 2024 إستمرت وتيرة التراجع هذه، وهذا ما إنعكس بكل وضوح خلال بداية فصل الصيف لغاية شهر تموز، حيث تبين أن الإيرادات السياحية تراجعت إلى حدود 20% مما كانت عليه في العام السابق".*

ويضيف، "ومع التصعيد الأخير الذي حصل، ومع إنطباع بأن تتوسع الحرب لتصبح شاملة وواسعة وتزايد القلق في المنطقة، فمن المؤكد أن المشهد إنقلب رأسا على عقب".

وعليه، يعتقد فرح بأن "الموسم السياحي أصيب بضربة قاسية في عز الموسم الذي هو شهر آب والذي يعتبر القمة في الموسم السياحي".

وإذ ويلفت إلى أنه "لا يمكننا التقدير منذ اليوم لحجم خسائر القطاع بأخر الموسم"، لكنه يلفت إلى أنه "بعد أن سجل تموز الحالي تراجعاً بحدود الـ 20% عن شهر تموز 2023، وفي حال لم تحصل حرب بل إستمر التوتر بوتيرة متصاعدة، فإن الفرق سوف يكون أكبر ويصل الى ما بين 30 و الـ 40% وهذه تعتبر خسارة للبنان وللإقتصاد من دون شك".

وأما الخسائر غير المباشرة، وفق فرح فهي "خسائر الإستثمارات والإنفاق والذي بأغلبه يتراجع، عندما يكون الأفق مسدودا، والأجواء اليوم هي اجواء إستنزاف و أجواء حرب".*

أما عن مدى تأثير الأجواء الامنية السلبية السائدة حاليًا أو في حال وقوع الحرب على سعر الصرف، فيشير فرح إلى أن "لبنان أولا بإقتصاده غير الطبيعي لا يتأثر مباشرة بشكل سريع بأي حدث يطرأ إن كان سياسي أو عسكري، بما معناه أنه يأخذ وقتاً أكثر فيما الدول التي تتمتع بإقتصاد طبيعي فأي هزة من الممكن أن تؤثر بشكل سريع على سعر العملة".

لذا من المرجّح أن "يكون لدينا ثبات أكثر، على إعتبار أننا بإقتصاد إصطناعي غير طبيعي"، ولكن هنا يلفت أيضا إلى أنه "إذا تطور الوضع وتحول القلق المتواجد اليوم إلى حرب فعلية، ليس هناك من أي شك بحصول ضغط على سعر الليرة ومن المؤكد أن يتغير المشهد وإن لم يكن سريعا هذا التغيير، لكن سيحصل تغيير لأن مصرف لبنان لن يكون قادراً على حماية الليرة في ظل ظروف الحرب، والخسائر الاقتصادية ستكون كبيرة جدا وسننتقل من مشهد إلى مشهد آخر، من مشهد نقول فيه أن إقتصادنا بدأ بالتأقلم ويتحسن قليلًا إلى مشهد مختلف جدًا ومأساوي وسوداوي ومن الممكن الوصول إلى مرحلة الإنهيار الإقتصادي والمالي الثاني".