بين الدولار والذهب والعقار... ما الأكثر أمانًا؟


 



كتبت جويل رياشي في "الانباء الكويتية":


اعتبر الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي د.بشير المر ان الدولارات المخبأة في المنازل لا تفقد قيمتها، وشجع على شراء الذهب محددا أسباب ارتفاع سعره، ورأى في سوق العقارات خير ملاذ للبنانيين.


ونصح المر في دردشة مع «الأنباء» بالحفاظ على سلامة الأوراق النقدية من الرطوبة او التلف او غيرها، مشيرا «إلى ان الدولار يحافظ على قيمته لأسباب عدة، بدءا من كون قيمته النقدية في الدولار نفسه وليس بالعملة الورقية. ومن خزن دولارات بكميات كبيرة في منزله أو مكان آخر، عليه استبدال القسم الأكبر منها ومراعاة ظروف حفظها من التلف. وهذا الأمر لا يعمل به في الخارج، إذ تقبل العملة الورقية حتى لو كانت ممزقة بحد مقبول. أما الخطر الأكبر فيكمن في احتمال التعرض للسرقة أو الاعتداءات في حال شيوع امتلاك الفرد دولارات نقدية بكميات كبيرة في منزله، وهذا ما يدفع البعض في المقابل إلى تمضية وقت أكبر في المنزل بهدف تأمين حماية ما بات يعرف بـ «رأس المال».


وتابع المر: «لغاية الآن حافظ الدولار على قيمته كعملة دولية معتمدة في الاستثمارات والتبادل التجاري، وهو متداول بوفرة في بلدان عدة بينها لبنان، حيث تحول إلى عملة شبه رسمية وحصرية في التداول. صحيح ان تراجعا سجل في حصة استعمال الدولار عالميا، وهذا لا يعود إلى الأسر التي تخلت عنه، بل إلى دول في طليعتها روسيا وخلفها الصين.. دول بدلت من استعماله في التجارة النفطية كما كان معمولا منذ 1971 يوم أعلن الرئيس الأميركي ريتشاد نيكسون عدم ارتباط الدولار بالذهب، وبعدها في 1973 مع الاتفاق الأميركي - السعودي الذي تحول بموجبه الدولار إلى العملة الوحدية الأكثر استعمالا في العالم، يوم تم حصر الدولار كعملة وحيدة تستعمل في التجارة النفطية، إلى التبادل المباشر بعملات البلدان المصدرة والمستوردة للنفط.

انخفضت اليوم نسب التداول بالدولار، من دون ان تنخفض قيمته، وإن تعمد السياسة الأميركية نفسها لخفض قيمته تجاه بعض العملات الصعبة بهدف رفع تنافسية السلع الأميركية في الأسواق الدولية. وبالتالي وكخلاصة، لن يفقد الدولار الأميركي قيمته».


وأضاف المر: «نحن في لبنان أمام اقتصاد نقدي بالدولار وليس فقط بالليرة اللبنانية، لسهولة تدبير أمورنا بأوراق نقدية قليلة، بدلا من الاستعانة بكدسة من الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية».


أما بالنسية إلى موضوع استعمال العملة الوطنية: «فلا أسقط ان الليرة اللبنانية مستعملة أيضا بشكل كبير في المقابل، وإن كان الموضوع يتعلق بالتضخم نتيجة ضعف قيمتها الشرائية. ندفع على سعر عال غير طبيعي بحسب بعض الاقتصاديين، سواء نتيجة ارتفاع قيمة الدولار وتراجع قيمة الليرة اللبنانية جراء المضاربات في المرحلة السابقة، او الأصح جراء السياسات النقدية التي اعتمدها مصرف لبنان التي كان لها الأثر في تحفيز المضاربات، علما ان حجم الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان لم يختلف عما كان عليه في 2005 وقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم في حرب يوليو 2006، وقد ناهزت السبعة مليارات دولار أميركي، كما الحال الآن. إلا ان مصرف لبنان أهدر مخزون القطع لديه بعد 2019 بسياسة الدعم التي استفاد منها بشكل أساسي المحتكرون وفي خلق وتشغيل منصة صيرفة، مما أدى إلى اندلاع المضاربات واختلاق منصات لتسعير العملات الأجنبية على وقع التجاذبات السياسية. وعلى أي حال اتبع مصرف لبنان سياسة نقدية مشبوهة لجهة تغطية السلع من بوابة الدعم، بإنفاق نحو 31 مليار دولار بسياسة الدعم للسلع أو للمصارف سواء ببيعها الدولار بسعر 1500 ليرة لبنانية، ثم بـ 15 ألفا، في حين ذهبت أموال الدعم إلى التجار المحتكرين ضمن تجارة وهمية استمرت 3 أعوام. في وقت كان على مصرف لبنان العمل على تثبيت سعر الصرف، وهو كان قادرا على القيام بذلك. ولا يزال مصرف لبنان يصدر تعاميم تعزز حماية المصارف، الأمر الذي يجب الإقلاع عنه، لأنه مجحف في حق المواطن. مثالا التعميم 166 الذي يسمح بسحب مبلغ 150 دولارا للفرد في الشهر الواحد، لقاء منح المصارف براءة ذمة على بقية أمواله وهذا قرار سيئ للغاية من المصرف المركزي، ونجد أنفسنا هنا أمام «كابيتال كونترول» مؤذ للغاية في حق المودعين».


ورأى المر في موضوع «الاحتفاظ بالدولارات النقدية في المنازل، أنه سلاح ذو حدين، ذلك ان تخطي سقف الـ 10 آلاف دولار نقديا يحتاج إلى تبرير لإدخال هذه الدولارات إلى المصارف، نحن حاليا في اقتصاد نقدي غير مصرفي، ومن يستطيع لاحقا تحمل تخزين 100 ألف دولار نقدي أو مبالغ أكبر؟ الحل في المصارف، لكن دون ذلك الثقة، فضلا عن وضع المؤسسات الدولية أعينها على الاقتصاد النقدي في البلاد، لجهة ملاحقة عمليات تبييض الأموال ومصادر الدولارات الشرعية.


وما حصل في لبنان كان متقدما، لجهة اعتداء المصارف على أموال المودعين والسطو عليها، في خطوة غير معهودة وغير مسبوقة. ما حصل لدينا ليس ارتفاع سعر الدولار لقاء العرض والطلب، بل واجهنا تعددا في أسعار القطع، وهذا معروف في دول عدة على نطاق ضيق، ضمن خطة «ضبط أسعار العملات». أما ما حصل لدينا فتجربة غير مسبوقة، ويخشى تعميمها.


أما لجهة التوجه إلى شراء الذهب نتيجة ارتفاع أسعاره بفعل عمليات شراء كبرى تعدت الأسر إلى الدول، التي اختارت التوظيف في الذهب فقد حذت بعض الأسر حذو الدول، خصوصا مع تخطي سعر الأونصة عتبة الـ 2400 دولار، ويتوقع وصولها البعض إلى أربعة آلاف دولار».


وكشف المر عن ان «الناس يركنون إلى قيمة الذهب الثابتة، وقت حصول تخبط في الأسواق المالية، وهو يشهد عمليات توظيف».


وصنف «العقارات بالأثبت نتيجة البلبلة النقدية في لبنان وعالميا، والتراجع في سعر الدولار، في حال حصوله، يستغرق سنوات وليس فترة قصيرة.


العقارات حاليا هي الأكثر أمانا. وقد ارتفعت أسعار العقارات لدينا منذ 2007، الا انها لاتزال تشكل مأمنا أكبر، أكثر من الوحدات السكنية التي تتعرض للإنهاك وغيره».