هذا ما سمعه نائب سابق من الكاردينال بارولين

   

خمسة أيام أمضاها الرجل الثاني في الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين في لبنان، كانت كافية من أجل نقل المشهد السياسي الخاص بالإستحقاق الرئاسي من مكان إلى مكان آخر. فقد وضع الزائر الفاتيكاني المعطيات "الرئاسية" في مكانها الصحيح، فحدّد الوضع ورسم حدود المواقف، وتحدّث بصراحة مع كل المعنيين بهذا الملف، ومع المتأثرين ببقاء كرسي رئاسة الجمهورية في قصر بعبدا شاغراً. فالفاتيكان يحيط برعايته، ويحمي بمظلته البلد الصغير الذي بات الوجود المسيحي في الشرق الأوسط يتركّز فيه دون غيره.

والأهم في المواقف التي أعلنها بارولين في بيروت، كان "توزيع المسؤولية على كل المعنيين بالإستحقاق الرئاسي"، بحيث أنه لم يتّهم أي فريق بالتعطيل أو التقصير، وينقل نائب سابق التقى الكاردينال بارولين عنه، أن المقاربة التي يعتمدها الفاتيكان تجاه لبنان، لم تلحظ أي تعديل، وهي تتناول باهتمام كبير الواقع اليومي للتطورات اللبنانية الداخلية، خصوصاً وأن الزائر الفاتيكاني مطّلع عن قرب على كل تفاصيل الأزمات التي يواجهها لبنان، لا سيما ما يعني بتأخير الإستحقاق الرئاسي، وبناء على كل ما تقدّم، فإن الكاردينال الذي حرّك ركود الإستحقاق الرئاسي بعد جولة ماراتونية من المبادرات، قد حمل رسالة إلى كل من يهمه الأمر، وإلى كل الذين التقاهم، أو الذين قاطعوه، بأن الحلول لبنانية وليست خارجية، وهي تبدأ من المجلس النيابي على وجه التحديد، وليس من أي مكان آخر، لكن المبادرة في حال صحّ وجودها، فإن النائب السابق الذي التقى بارولين، سمع منه كلاماً هادئاً، لكنه صارم عن لبنان الذي يتراجع نتيجة خصومات أبنائه.

ويرى النائب نفسه، أن الفاتيكان يولي أهمية قصوى للوضع الأمني في جنوب لبنان، والخطر الناجم عن احتمال شنّ إسرائيل حرباً واسعة في أي لحظة، ويردّد الكاردينال بارولين جملة تقول أنه "في لحظة إعادة ترتيب المنطقة، لا يجب أن يكون المسيحيون مغيّبين عن طاولة المفاوضات والتسويات الكبرى في المنطقة، لكن درء الأخطار عن لبنان وعن الرئاسة، كما عن المسيحيين، يتطلّب العودة إلى ما كانت عليه العلاقات بين كل الأطراف اللبنانية، وهو التعايش والدستور رغم كل الظروف الصعبة التي يواجهها الإستحقاق الرئاسي وأي استحقاق دستوري آخر.

وبناءً عليه، فإن الرجل الثاني في الفاتيكان، نقل إلى كل المسؤولين الذين جال عليهم، قلق البابا فرنسيس على لبنان، ومخاوفه من أن يغرق بأزماته ويفقد رسالته، وهو ما قرأ فيه النائب الذي ناقش معه هذه المخاوف، تعبيراً عن الإهتمام الكبير من قبل الكرسي الرسولي بالوضع في لبنان، ولا سيما بالوضع المسيحي فيه.

وبمعزلٍ عن نتائج وتداعيات وانعكاس هذه الإحاطة "الفاتيكانية" بلبنان، فإن الخلاصة النهائية لزيارة الكاردينال بارولين، تحمل إقراراً بأن ظروف البلد والمنطقة صعبة جداً، ولكن هذا الواقع لن يكون عائقاً أمام الفاتيكان المصمِّم على "تشغيل" كل ما لديه من قدرة ديبلوماسية لمساعدة لبنان في محاولة الخروج من أزماته، أو على الأقل حمايته.

هل أتى الكاردينال بارولين لتحضير مبادرة ما للبنان؟ ينفي النائب السابق ذلك قائلاً :"من الممكن أنه حمل مبادرة ما، لكنه لم يُطلع زواره على ما يحمله، وترك هذا الأمر للمرحلة المقبلة وبعد بلورة خيارات "الحرب والسلم في المنطقة".