أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم السبت ٠٢/١٢/٢٠٢٣


 كتبت النهار






كما توقّع معظم المراقبين، عادت إسرائيل لتستكمل عمليتها البرية ضد غزة. كان واضحا منذ اللحظة التي قبلت فيها حكومة نتنياهو ومعها مجلس الحرب بهدن إنسانية من اجل إتمام عمليات تبادل اسرى ومحتجزين، ان المسألة لن تطول لان اهداف الحرب التي حددتها الحكومة الإسرائيلية، والدولة الإسرائيلية العميقة المستندة الى المستوى العسكري والأمني، لم تتحقق. فهدف تدمير "حماس" جدي للغاية، حتى لو لم يتحقق بالكامل، لكنه بحسب القراءة الإسرائيلية يجب ان يصل الى حد لا يعود فيه قطاع غزة يشكل تهديدا لإسرائيل. وبهذا المعنى فإن تغيير واقع قطاع غزة معناه أساسا ألّا تعود حركة "حماس" أو مَن سيبقى منها في القطاع تشكل تحديا امنيا لإسرائيل. هذان الهدفان كانا متراجعين في سلّم الأولويات الإسرائيلية لمصلحة اطلاق سراح المحتجزين والرهائن الإسرائيليين بسبب ضغط اهاليهم. لكن بين ضغط بضعة آلاف من الإسرائيليين لاستعادة المحتجزين وضغط المجتمع الاسرائيلي، والدولة العميقة، لا سيما الجيش، انحاز قرار الحكومة الى الحرب على غزة والمجازفة بحرب مع "حزب الله" في لبنان.




انطلاقا مما تقدم، فإن على "حزب الله" ان يدرك ان الجولة الثانية التي بدأت صبيحة يوم امس الجمعة ستكون عنيفة، وأن الإسرائيليين لا يمانعون في الانزلاق نحو حرب مع "حزب الله". هذا الكلام سمعه جميع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم الموفد الرئاسي الفرنسي جان - ايف لودريان خلال زيارته الاخيرة الى لبنان. فقد كان لودريان واضحا تماما لناحية ان حرب 2006 ستكون بمثابة نزهة مقارنة بالحرب اذا ما أُشعِلت هذه المرة. اكثر من ذلك، كان الموفد الفرنسي يحمل اقتراحا بمسارعة الدولة اللبنانية الى تنفيذ القرار 1701 الصادر بنهاية الحرب في 11 آب 2006 الذي ينص في مادته الثامنة على "اتخاذ ترتيبات امنية لمنع استئناف الاعمال القتالية، بما في ذلك انشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي افراد مسلحين او معدات او أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان..."




هذه المادة واضحة ولا يشكل تطبيقها تنازلا من لبنان لمصلحة إسرائيل. وكل النظريات التي سيقت لتبرير وجود سلاح ومسلحين لـ"حزب الله" في الجنوب لا تستقيم بوجود نص اممي واضح هدفة الأول حماية لبنان من ان يُستدرج الى حروب شبيهة بحرب 2006 لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد. من هنا فإن الاقتراح بقيام "حزب الله" بإخلاء منطقة عمليات القرار 1701 جنوبا هو الاطار المطروح لتجنيب لبنان التورط في نزاع مسلح ترفضه الأكثرية الساحقة من المواطنين اللبنانيين.




ان تطبيق القرار 1701 هو المظلة الأمثل لتحييد لبنان عن صراعات مسلحة سبق له ان خبرها لعقود من الزمن، وأدت في ما أدت الى تدميره مرات عدة وتشتيت أبنائه. وهنا لا معنى للأصوات الصادرة من المحيط السياسي للحزب المذكور التي تعود دائما الى نغمة مطالبة إسرائيل بتطبيق القرار قبل أن يقوم "حزب الله" بالانصياع له. فلو ان "حزب الله" لم يتدخل بالحرب في غزة بقرار سحق فيه منطق الدولة اللبنانية وأطاح بالحد الأدنى من موجبات الشراكة الوطنية، لما كان الحديث يدور اليوم حول القرار 1701.


لن يخرج لبنان من أزمته قبل حلّ إشكالية "حزب الله