لا تستقيم المقارنة تماما وحرفيا بين فراغ رئاسي صار عمره سنة وشهرين ونذير لفراغ الشرعية الدولية والرسمية اللبنانية في الجنوب منذ الثامن من تشرين الأول الماضي تاريخ اندلاع المواجهات الميدانية والحربية بين "حزب الله" وإسرائيل تحت مسمى " جبهة المساندة لحماس" . ولكن المقارنة تجوز وتصح من زاويتين واقعتين تحملان التداعيات المتطابقة ذات الأثر العميق في السلبية المتدحرجة حيال تفكيك منهجي لمعالم وحضور الدولة اللبنانية الذي يبحث عنه الخبراء في طوايا الماضي الغابر ولا يجدونه . فهنا ، في الداخل السياسي ، تغدو مهمة جان ايف لودريان في شقها الرئاسي مبعث مبارزة بين اكثر القوى السياسية والإعلام والمزعومين خبراء في التحليل والتنظير ، في السخرية الاستباقية من الموفد ونعي تحركه سلفا في ما يستحق ولا يستحق ربطا بتعثرات سياسة الرئيس الفرنسي ، ولكن على السنة وايدي قوى لبنانية فاشلة او عاجزة او متواطئة ومرتبطة بسياسات انقلابية على النظام الدستوري في لبنان . وهناك على الحدود الجنوبية تغدو "التقليعة" الاحدث ان كل متفوه او داع او مطالب بإلحاح بإعادة الوضع الذي كاد قطوعه ، ولا يزال ، ينذر بان يودي بلبنان الى كارثة حرب ساحقة ماحقة ، الى مندرجات القرار 1701 .. كل المطالبات والمطالبين بذلك صاروا من ناحية "محور الممانعة" وقائده "حزب الله" المنتشر على الحدود وفي الجنوب الحدودي وجنوب الليطاني وحيدا أحاديا منفردا مستفردا الا ممن اختارهم الى جانب مقاتليه من "حماس" و"الجهاد" و"الجماعة الإسلامية " وووو… كل الاخرين المنادين بإعادة الاعتبار الى القرار الموضوع قسرا في الإيداع 1701 بمثابة خونة يخدمون إسرائيل !
كيف يخدمون إسرائيل والقرار 1701 منذ لحظة ولادته تعرض ألوف المرات للانتهاكات الإسرائيلية لكونه أولا وأخيرا درة تاج القرارات الدولية لمصلحة لبنان ؟ انه الامر الذي يستحيل ادراجه الا في خانة خطة ممانعة جديدة طارئة تتجاوز حتى تداعيات حرب غزة وربط الجنوب اللبناني بها ربطا إجباريا الزاميا وقسريا لئلا تتفكك "وحدة الساحات والميادين " اذا لم يبق الجنوب رهينة هذا الربط القاتل . ولعل ما ينبغي هنا الا يغيب او يحجب عن المشهد هذا هو ان احد حاملي الملف اللبناني الأساسيين ( من غير "الحرس الثوري" ميدانيا طبعا ) في الجمهورية الإسلامية في ايران وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان الذي يزرع الأرض ذهابا وجيئة الى لبنان ، يتفرغ "برعايته" الفائقة الدقة لسلوكيات ذراع ايران الاكبر في لبنان والشرق الأوسط أي "حزب الله" إلى درجة انه أحصى 26 طلبا اميركيا وغربيا الى "حزب الله" بعدم التسبب بحرب شاملة مع إسرائيل في لبنان . قالها عبد اللهيان في معرض التباهي طبعا بقدرة الحزب على مواجهة المجتمع الدولي بأسره وها هي مفاعيل الامر تتصاعد عبر حملة طرية ناشئة مرشحة للتدحرج تباعا لدى "الممانعين" تحت مسمى "تأثيم" وشيطنة وتخوين المناداة والمطالبة بإعادة الجنوب الحدودي وجنوب الليطاني الى حضن الشرعية الدولية واللبنانية في حمى الطيب الذكر القرار الدولي 1701 قبل ان يستحيل على أيديهم "الفقيد الراحل الذي لا تجوز عليه وعلى ذكره الا الصلاة".
ترى كيف لا يكون ذلك مخططا متدحرجا لفراغ من فوق ومن تحت ، من رئاسة الدولة الى الحدود التي صارت خارج كل سلطة الدولة ، ومنع التمديد لقائد الجيش وتعريض الجيش لأخطر المصائر ، وما يعنيه كل ذلك من شمولية التفريغ والتفكيك والاستباحة ؟