ابرز ما تناولته الصحف الصادرة ليوم الخميس ١٨ ايار ٢٠٢٣



كتبت النهار
لنترك العواطف جانباً، وأما قصائد الشعب الواحد في بلدين، فصارت من الماضي. ثمة مشاعر متناقضة ومتباعدة بين الشعبين اللبناني والسوري. حتى في لبنان، تراجعت شعارات العيش المشترك ما بين أبناء الوطن، وخصوصاً الشباب. يعيشون حياتهم المشتركة وفق صداقات وأعمال ومصالح، أو يمتنعون عن مديح تلك الحالة الشاعرية التي لا تترجم في أحيان كثيرة على أرض الواقع، بل ثمة ما يناقضها وينقضها أيضاً.

ثمة شبه إجماع لدى اللبنانيين، على خطورة النزوح السوري، وتداعياته الأمنية والاجتماعية والإقتصادية وأيضاً الديموغرافية. وكل الأطراف تتحدث عن عودتهم الى بلادهم. لكن الحقيقة أن لبنانيين كثراً لا يريدون التخلي عن النازحين السوريين بسبب شبكة مصالح، كبيرة أو صغيرة لا فرق، لكنها تصنع الفرق في الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد.

آخر صرعات الإفادة من النازحين نظام الكفالة الذي لم يكن ينطبق على السوريين، بل على العمال الأجانب من جنسيات أخرى. لكن التطورات المتسارعة مع النظام السوري، وترداد الكلام عن إعادة النازحين، دفعت كثيرين من هؤلاء، وخصوصاً الذين دخلوا لبنان بطرق غير شرعية، الى محاولة تسوية أوضاعهم القانونية لكي لا يتم ترحيلهم، وتسليمهم الى الجيش السوري.

وانطلاقاً من الواقع المستجد. يعمل هؤلاء على استئجار أمكنة للإقامة بصورة شرعية والاستحصال على صورة عن العقد، وإفادة سكن. وهذا الأمر لا يتم قبل تسوية أوضاع إقامتهم لدى الأمن العام اللبناني. وبات كثيرون منهم يطلبون من اللبناني كفالة، وعقد عمل وهمياً، للخروج من عباءة النزوح، والدخول الى الحياة العملية اللبنانية.

وهذه الأمور مجتمعة تعود على اللبناني بفوائد عدة. منها تأجير المساحات الشاغرة التي يملكها سواء للسكن أو للعمل، وأيضاً تقديم نظام الكفالة لقاء بدل سنوي، وأيضاً وأيضاً طلب العمل وفق عقود تعاقدية شرعية تنظم سوق العمل.

وأذكر العام الماضي عندما كنت أتحدث الى مدير مستشفى في إحدى المناطق النائية عن تحدي الاستمرار في محيط فقير الى حد ما، أن أجابني بأنه لولا المرضى السوريين النازحين، لأقفل مستشفاه، فالاعتماد على الدولارات الفريش المتأتية من وكالات الأمم المتحدة وصناديق الدول المهتمة بالنازحين.

أما الخدمات التي تقدم للمجتمع المضيف، فهي، على ضآلتها قياساً الى ما يستهلك النازحون من البنى التحتية وإمكانات البلاد، باتت حاجة ضرورية للأكثر حاجة من اللبنانيين، خصوصاً أن مرافق كثيرة للمياه والري والطاقة الشمسية وغيرها، تقدم لهذه المجتمعات المضيفة كرمى لعيون النازحين، وبزوال المسبب تزول معه تلك المساعدات التي سيفتقدها أهالي القرى والأرياف في ظل عجز الدولة عن ملء الفراغ الخدماتي.

ومالياً أيضاً، فإن جزءاً من تمويل مصرف لبنان يتم من النازحين، وهو أمر لا يهتم له كثيرون، إذ أن كل المساعدات الخارجية تسدد بالعملات "الصعبة"، وقد عمد مصرف لبنان الى الاتفاق مع المنظمات الدولية على تسليمه الدولارات، وسدادها للنازحين بالليرة اللبنانية، وبذلك يزيد من مخزونه واحتياطه لتمويل سوق صيرفة وغيرها. ومن دون ذلك سيزيد العجز في المصرف المركزي، وستتضاعف حاجته الى العملات الصعبة التي باتت صعبة التوافر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية.

أمام هذه الوقائع وغيرها، تطرح الأسئلة عن مدى جدية اللبنانيين، أو بعضهم في الدفع باتجاه إعادة النازحين الى بلادهم، والإبقاء على بعض القوى العاملة التي لا يمكن لبنان، ولم يتمكن يوماً، من الإستغناء عنها، اذ سيعمد كثيرون الى عرقلة مشروع العودة، وسيعيد نظامهم تكرار معزوفة سابقة أن "اتفقوا كلبنانيين ونحن جاهزون