عسكري يحرس كلب.



بعد شيوع خبر عدم قبض العسكريين الألف المكلفين بحماية الشخصيات، هبة المئة دولار،الشهرية، المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، تذكرت حادثة حصلت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.

بسبب الأوضاع الأمنية وتبادل القصف المدفعي بين الأحزاب، لجأ بعض النواب إلى الإقامة في منطقة الحازمية في بنايات متجاورة في شارع فرعي، وتم تركيز نقطة حراسة من قوى الأمن الداخلي أمام أول بناية التي كان يقيم فيها النائب XYZ في الطابق الأرضي، ولم تكن ثقافة وأسلوب فصل عناصر من قوى الأمن للحماية الشخصية للشخصيات، معروفاً أو معتمداً، حينها، في قوى الأمن الداخلي.

تم تعيين الرقيب إلياس الضهر، رئيساً لهذه النقطة، وبسبب ظروف الخدمة الصعبة حينها، تم منع المأذونيات والإجازات، إلا لفترات قصيرة جداً ولأسباب موجبة أو قاهرة.

في إحدى ليالي الشتاء، وفي بداية السهرة، قام سائق النائب XYZ بتحضير السيارة، وخرج النائب وزوجته ( يومها كان النائب له قيمة واحترام أكثر من هذه الأيام)، فالتقى بطبيعة الحال بالرقيب الياس الضهر، فتوجه إليه، وبتعجرف النواب المعهود، قائلاً ( ديروا بالكم على الكلب) الذي كان يقتنيه في حديقة البناية.
فما كان من الرقيب الياس الضهر إلا أن أجابه وبصوته الجهوري المعروف : *يا سعادة النائب، الدولة مكلفتنا نحرس كلب واحد، مش كلبين*
جنّ جنون النائب وصرخ به ( ما بسمحلك) فجاوبه الرقيب الياس الضهر : لست بحاجة لأن تسمح لي أو لا تسمح لي، وكما سمعت.
صعد النائب بسيارته وزوجته وغادرا المكان.

بعد أقل من ساعتين، وصلت برقية إلى الفصيلة المعنية، تم بموجبها إستدعاء الرقيب الياس الضهر إلى مكتب اللواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي.

يومها كان اللواء أحمد الحاج، مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، وهو من القادة المشهود لهم في كل الميادين، وصاحب هيبة ووقار، ولا يحتاج لشهادة أحد.

وصل الرقيب الياس الضهر إلى مكتب اللواء وتقدم منه بالطريقة العسكرية المفروضة، واللواء يتفرس فيه متفحصاً، وسأله عما حدث معه البارحة مع النائب XYZ ، فسرد له الرقيب الياس الضهر ما حصل حرفياً، فأردف اللواء المدير العام مستفسراً : ولماذا أجبته بهذا الجواب.
وبدأ الرقيب الياس الضهر بشرح الواقع وكيف أن النائب وعائلته يعاملونهم بفوقية وبتعجرف وبازدراء وباستهزاء وقلة إحترام، ولا ينظرون إليهم، ليس كعسكريين مكلفين بحمايتهم بل حتى كبشر، وأن جميع النواب القريبين يعاملونهم بمستوى أدنى من مستوى الخدم ٠٠٠٠ 

سكت المدير العام ولم يقاطع الرقيب الياس الضهر، وكان مستمعاً جيداً، ثم قال، ولكن هذا نائب في مجلس النواب ولا يحق لك مخاطبته بهذه الطريقة ولا بهذا الكلام وبأنه ستتم معاقبته على ذلك، ولكن الرقيب الياس الضهر أجاب أنه قال ما قال عن قناعة وأنه يتحمل المسؤولية كاملة. 

أمره اللواء بالتوجه إلى مركزه وتسليم سلاحه، وأنه سيتم توقيفه بالصورة الفورية لمدة عشرة أيام وبرقية التوقيف ستسبقه إلى مركزه، كما أمره بالتقدم منه بعد إنتهاء تنفيذ العقوبة. 


خرج الرقيب الياس الضهر إلى تنفيذ أمر المدير العام، ودخل السجن. 
بعد الظهر صدرت برقية عن اللواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي، بإلغاء نقطة الحراسة وإعادة العسكريين إلى مراكزهم، وخاطب من يعنيهم الأمر ( ما عندي عسكر للحراسة) 

بعد خروج الرقيب الياس الضهر من السجن، تقدم مجدداً من اللواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي، الذي قام بإخراج ورقة من درج في مكتبه قائلاً، هذه مأذونية خمسة عشر يوماً، مكافأة لك على جرأتك وعلى مناقبيتك ٠٠٠٠ 

لن أكمل. 

أترك الباقي لكم، ولما يجول في رؤوسكم، وتغلي به صدوركم.


/العميد فيصل تنيّان /

مجموعة الشمال. 

تجمع متقاعدين - قوى الأمن الداخلي في لبنان.