كتبت النهار
اما وقد انتهت اعمال القمة العربية، باستعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية، وهو امر كان متوقعا مذ ادارت دولة الامارات العربية المتحدة محركاتها باتجاه دمشق، فاعادت فتح سفارتها، تمهيدا للخطوة الاخيرة. وعندما فتحت الامارات ايضا الطريق الى ما يشبه التطبيع مع اسرائيل، سلكت دول اخرى، ومنها لبنان باحزابه الممانعة واولها "حزب الله" و"حركة امل"، طرق الترسيم البحري والمجالات الجوية وغيرها.
تحولات كثيرة تجري في المنطقة، وحركتها تبدو للمراقبين سريعة جدا، لانهم لم يقرأوا جيدا الخطوات التمهيدية لها. وامام التحولات الكبرى، يقف لبنان على رصيف انتظار المجهول الذي لا يعلم من اين تهب رياحه.
نقرأ كل صباح عن اسماء جديدة مطروحة، وعن دعوات طريفة الى حوار وطني "نقنعكم به بصوابية ترشيحنا لفلان" كما يعلن بفوقية احد رؤساء الكتل، مما يفقد الحوار هدفه، ويلغي منطلقه. كأن دعوته تتضمن في الباطن، دفعاً الى رفض الحوار، في ظل ترقب رئيس تلك الكتلة اهمية التحولات وينتظر نتائجها في مصلحة فريقه.
الاخرون خائفون من الحوار، ومن فتح ابواب مجلس النواب، والكل يترقب حركة سفير من هنا، وتصريح سفيرة من هناك، والكل يتغنى بالسيادة والقرار الحر، وعدم الاذعان للخارج، فيما هذا الكل يترقب الخارج.
يتعامل اللبنانيون مع العالم كأنهم محور هذا الكون، وان الجهود الدولية منصبة على بلدهم، فيما الحقيقة ان العالم يكاد يقاطع لبنان لولا خوفه من الارهاب وتهريب المخدرات ودفع السوريين الى قلب القارة الاوروبية. وفي ما عدا ذلك، حركة عربية وعالمية بطيئة تجاه لبنان.
ويتحدث اللبنانيون في ما بينهم بالتحدي والرفض، وقد بدأت وسائل التواصل الاجتماعي تضج بالكلام عن عودة سوريا الى الجامعة بين منتصر وخاسر!، وتبادل رسائل التعزية والتخوين. وكلها ان دلت على شيء، فعلى سواد منطق الشارع وغياب السياسات الفاعلة والرؤيوية، وتؤكد الخيانات الوطنية، لان كل التحولات، وكل الدروب، ان لم تبلغ، الحوار الوطني، وتنفيذ اتفاق الطائف، وعودة لبنان الى الساحتين العربية والدولية بفاعلية، تبقى تجليات لامراض وعقد لدى اناس تنقصهم الكهرباء والمياه والخدمات الضرورية، فيما غيرهم بلغ الفضاء والنجاحات في كل المجالات، بينما يغرق اللبنانيون في انتقادهم ونعتهم بأبشع النعوت. هنيئا لشعب لم يعد قادرا على الحلم والرؤية ومواكبة العصر، ويغرق في معارك وهمية عبر المنابر وشبكات التواصل الاجتماعي