المصدر: الشراع
لم ييأس رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في محاولات اقناع حزب الله بصرف النظر عن ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية وتبني احد المرشحين ممن قام هو شخصياً بوضع لائحة باسمائهم لاختيار احدهم والذهاب الى مجلس النواب من اجل خوض معركة فوزه ولو باكثرية 65 نائباً فقط.
وبات معروفاً ان باسيل الذي كان طلب موعدا للقاء امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ولم يأته الرد ايجابياً بشأن عقد اللقاء من قبل رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا عندما ابلغه رئيس التيار انه يريد الاجتماع ليطرح على السيد لائحة تضم اسماء عدد من المرشحين مستبعداًمنها فرنجية.
الامر نفسه كرره باسيل مع حليف الحليف ، اذا كان الحليف اي حزب الله ما زال حليفاً.
والمقصود بحليف الحليف الرئيس نبيه بري وهو تعريف كان الرئيس ميشال عون استخدمه في مرحلة سابقة للتعريف بحركة امل.
باسيل ووفق معلومات "الشراع" طلب موعدا للقاء رئيس المجلس النيابي والتواصل معه في امور حيوية واساسية . وقد قوبل طلبه بالترحيب.
وعندما تم الاستفسار عن المواضيع التي ينوي باسيل طرحها على بري جاء جوابه انه يريد ان يطرح عليه لائحة من المرشحين للرئاسة من اجل الاتفاق على احدهم والسير به في الانتخابات الرئاسية.
ولما سئل باسيل عما اذا كانت اللائحة تضم اسم فرنجية اجاب بالنفي. وعندها نصح رئيس التيار الوطني الحر بعدم زيارة بري .
وفيما بات معروفاً ان فرنجية بات مرشحاً معلناً لثنائي حركة امل وحزب الله ، لا سيما بعد الموقف الاخير الذي اعلنه الرئيس نبيه بري في هذا الصدد، فان باسيل بدوره مصر على موقفه بشأن رفض انتخاب زعيم "المردة" وهو امر بات واضحاً انه يجمعه مع اطراف اخرى مسيحية وغير مسيحية وعلى رأس تلك القوى القوات اللبنانية التي لم يتردد رئيسها سمير جعجع كما فعل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في الاعلان عن انه سيعطل نصاب اي جلسة يمكن ان يتم فيها انتخاب فرنجية رغم انه لم يقم بتسميته بالاسم ،مكتفياً بالقول انه سيقاطع اي جلسة يتم فيها انتخاب مرشح مقرب من حزب الله او محسوب عليه.
وقد اعلن بري ما اعلنه بالنسبة لدعم ترشيح فرنجية ، في تطور جديد وواضح في معركة الانتخابات الرئاسية ، رغم ان فرنجية لم يعلن حتى الآن ترشيحه بانتظار - كما يقول المقربون منه- الاتصالات الجارية من اجل ان يكون "مرشح توافق داخلي" ولا يوضع عليه اي "فيتو" من الخارج.
وبمعزل عن الاعتبارات التي تدفع بري وكذلك امين عام حزب الله الى التمسك بترشيح فرنجية علماً ان السيد نصرالله كان واضحاً في تحديد المواصفات التي يرى انه لابد من تتوافر في الرئيس المقبل، وابرزها ليس حماية المقاومة بل عدم التآمر عليها . بمعزل عن الاعتبارات المشار اليها، فان ما يبدو واضحاً في حركة باسيل غير المعلنة هو محاولته استخدام سلسلة المواقف التي اطلقها رئيس حزب القوات سمير جعجع والمعارضون لوصول زعيم المردة الى قصر بعبدا او اي مرشح قريب من حزب الله او يحظى بتأييده .
هذا في حال كان رفض باسيل لفرنجية نهائي وقاطع ، وليس مجرد مناورة تهدف الى تكبيل الرئيس الجديد بقواعد وشروط للتعاطي معه ومع تياره بطريقة يريد من خلالها البقاء في سدة الاول مسيحياً ، سواء من خلال الخدمات التي يؤديها لمناصريه او من خلال الشعارات الشعبوية التي يعتقد انها تسمح له بان يكون ممثل العصب المسيحي خصوصاً وانه كان قال في هذا الصدد ، انه سيقوم بكل ما يلزم من اجل ان يكون الاول في ذاكرة المسيحيين ومتقدماً على الرجال الموارنة التاريخيين وعلى رأسهم كميل شمعون.
واذا كان الامر يرتبط بكلمة السر الخارجية التي يظهر جلياً ان آوان الوصول اليها لم يحن بعد، فان باسيل ومن خلال الظهور بمظهر من يرفض السير بركب ثنائي حركة امل وحزب الله في الانتخابات الرئاسية ، يسعى بوضوح الى ان يكون هذا الامر جزءاً من العوامل التي يمكن ان تؤدي لرفع العقوبات الاميركية عنه ، ولكنه يعمل وبالتزامن مع ذلك وخلف الضوء ولو من باب المحاولة على الاقل من اجل ان يكون صانعاً للرئيس في ظل تعذر ترشيحه في هذه الفترة علما انه وفي الاطار نفسه لم يتردد في التلويح مؤخراً بالاعلان عن هذا الترشيح في سياق ما يمكن تسميته بالبازار الرئاسي العالق حالياً وسط الانقسامات الداخلية وعدم وجود قوة دفع خارجية كافية من اجل مساعدة اللبنانيين على اعادة انتظام دولتهم ومؤسساتهم .
ووسط المبارزة الرئاسية المحتدمة والسجالات حولها والتي تجاوزت ابسط انواع اللباقة واللياقة والحرص على عدم المس بمرتكزات اساسية على صعيد القبول بالاخر كما فعل نائب سابق في حزب القوات ردا على ما قاله الرئيس بري حول المرشح ميشال معوض، فان رهان باسيل حالياً هو انه كان وما يزال حاجة للثنائي وخصوصاً لحزب الله بحكم ما يمثله تياره مسيحياً ، في ظل النقاش حول ما اذا كان انتخاب فرنجية في حال حصوله يحتاج الى تصويت الكتل المسيحية الكبرى والمقصود هنا كتلة التيار الوطني الحر وكتلة القوات ، ومن دون ذلك فان التمثيل المسيحي سيكون غير متوافر ميثاقياً وهي حجة يؤكدكثيرون عدم صحتها لاسباب عديدة ولا مجال للخوض فيها ضمن هذا السياق.
وهو اي باسيل يستخدم اي موقف معارض للحزب او لخيارات الثنائي الداخلية وفي مقدمتها موقف جعجع ، من اجل الضغط على الثنائي لحمل طرفيه على القبول بشروطه ولا سيما على الصعيد الرئاسي.
وفي المقابل فان جعجع يستخدم موقف باسيل وخلافه مع الثنائي من اجل ان يكون له دوره في الاستحقاق الرئاسي وفي الاوضاع العامة في لبنان سواء على مستوى الداخل او على مستوى العلاقة مع الخارج.
واذا كان هناك من يراهن على ان لعبة الاستخدام المتبادل التي يؤديها باسيل وجعجع من شأنها القاء ظلالها الايجابية على الانتخابات الرئاسية ، فان هناك من يعتقد الى حد الجزم بان هذه اللعبة ستزيد الاوضاع تدهوراً وتضع البلاد امام تعقيدات جديدة وفقاً لما نشهده حالياً.