ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ١٢ كانون الثاني ٢٠٢٣


كتبت النهار

يعتبر البعض ان مصلحة " حزب الله" بعدم خسارة التيار العوني لمصلحة امكان تقارب التيار مع "القوات اللبنانية" وسائر القوى المسيحية الاخرى تتقدم على كل الاعتبارات السياسية الداخلية، فيرجىء الموافقة على جلسة لمجلس الوزراء لادارة شؤون الناس. ويقابل التيار التحية باحسن منها ، فلا يرشح احدا لرئاسة الجمهورية فيما انه واقعيا سيبرد في حال خروجه من تفاهمه مع الحزب ما يبقي البلد مجددا رهينة هذا التفاهم الموقع بين الطرفين على رغم كل الضجيج على افتراق بينهما. اذ ان الحزب لم يدعم حليفه المسيحي في الانتخابات النيابية لكي لا يفوز حزب القوات بالاكثرية النيابية فحسب بل لكي يبقي التيار متمسكا او متعلقا به من دون قدرة على الابتعاد فعلا عنه لا سيما ان كثرا من نواب كتلته ما كانوا ليفوزوا برئاسة بلدية لو لم يتم دعمهم في مناطق حيوية .هذه هي الخلاصة التي ادت اليها تطورات الايام الاخيرة على وقع تهديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعزمه على الدعوة الى جلسة للحكومة فيما يستخدم ذلك لاعادة ردم فتور العلاقات بين طرفي تفاهم مار مخايل . هذه القاعدة التي عمل بموجبها الحزب طوال عهد الرئيس السابق ميشال عون وعدم الضغط على الاخير لا تزال قائمة وهي التي تحكم قواعد اللعبة السياسية حتى اشعار اخر . فالحزب لا يستطيع ان يكون في موقع ان تخاصمه غالبية الطوائف اي السنة والدروز والمسيحيين على الاقل ما لم ينتخب من يدعمه كمرشح رئاسي رئيسا للجمهورية . وهذا غير مرجح ليس بسبب شخص رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه تحديدا وليس بسبب رفض رئيس التيار العوني لهذا الاخير رئيسا بل لان ثمة رفضا قاطعا ان يوصل " حزب الله" المرشح الذي يدعمه ايا كان اسمه تحت طائل ان يتدبر لبنان حاله بنفسه بعيدا من محيطه العربي وربما ايضا بعيدا من المؤسسات الدولية كذلك التي تعتمد في دعمها لاحقا على الدول الاعضاء وصاحبة التقديمات والاستثمارات . وهذه هي الاشكالية الرئيسية التي تقف في طريق انتخاب فرنجيه وليس الخلاف بين فريقي التفاهم ، وذلك فيما اعتبر بعض حلفاء الحزب دوما، بمن فيهم الحليف العوني ، ان لا مشكلة حقيقية كانت ستطرح لو ان ايران لا تزال تتفاوض مع الولايات المتحدة والدول الغربية . فهذا المحور كان مرتاحا لهذا التفاوض ايا تكن الخلافات بالاضافة الى ارتياحه الى عدم سقوط النظام السوري حتى لو ان سوريا لم تعد كما كانت ولم تنتصر . ولكن واقع ان لا صراع مع ايران ولا اتفاق معها كان يدفع لقاء هذا المحور الى منطقة راحته فيما ان الوضع مختلف راهنا وتسود الخلافات على وقع ان الامور قد تكون مفتوحة لاستخدام اوراق لعب سياسية عدة .

ساهم بروز توتر في العلاقات بين طرفي تفاهم مار مخايل في تبرير واقع الانتظار الذي يدفع اليه البلد وخلق سبل للالهاء . اذ تقدم التطورات الحاصلة على مختلف المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية ان وضع لبنان في الانتظار تتم ترجمته في تواصل الانهيار ولكن الخلافات الداخلية حتى من ضمن المحور الواحد هي ما يعيق الاتفاق حتى على رئيس للجمهورية.
 
ويعتبر البعض ان الاستمرار في هذا الانزلاق يلهي الناس عن طرح الاسئلة الصعبة والمهمة التي طرحت بعد الاتفاق الاستراتيجي لترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل بحيث ان هذه الاسئلة كان يجب ان تطاول مصير سلاح " حزب الله" والى اين يتجه بعد ضمانات تحدث عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حديثه الصحافي الاخير قبل عيد الميلاد وقال انها اعطيت للاميركيين بعدم التصعيد لدى الترسيم . وهو ما اعتبرها كثر هدنة متجددة بين لبنان واسرائيل. لم تطرح هذه الاسئلة فيما تقدم الحزب بشعار لرئيس جمهورية يحمي ظهر المقاومة كما قال كما لو انها ثابتة وغير قابلة للتحول او للتغيير على رغم كل التطورات . لم يقارب احد من القوى السياسية هذه المرحلة الجديدة من التفكير لا سيما ان الوظيفة الاساسية لسلاح الحزب تعطلت مبرراتها وشروط الحزب لرئاسة الجمهورية تمنع طرح مثل هذه الاسئلة. وليس قليلا كذلك ان يختفي الكلام على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي يحاربه المتضررون من اهل السلطة والقطاع المالي ومساهمي المصارف والمودعين الكبار . يؤجل عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة هذين الامرين الملحين فيما تؤجل ايضا الاصلاحات وليس فقط الكابيتال كونترول باعتباره ليس البند الوحيد المطلوب من اهل السلطة بل اصلاحات متعددة كما يؤخر اعادة ربط لبنان بمحيطه العربي وتحسين علاقاته الفاترة او بالاحرى الباردة مع دول الخليج العربي وحتى اعادة لبنان الى العالم الخارجي. وفيما بدا ان الامور تتقدم فاشاد الاميركيون مثلا ببدء الكلام على تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء وتحسين الجباية بعد تغيير الاسعار ، لم يصمد مما يبرر هذه الاشادة سوى تغيير الاسعار انما من دون توافر الكهرباء واعادة الهيئة الناظمة الى النوم في الكهف المعد لها ما يمنع لبنان من الاستفادة من قروض البنك الدولي المتصلة باستجرار الكهرباء من الاردن ومصر . وفيما ان مجلس النواب المنتخب ادخل دما جديدا، فانه ليس فاشلا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية فحسب لا سيما ان عملية الانتخاب تتصل بارادة القوى المؤثرة الرافضة لانتخاب رئيس لا يكون خاضعا لسقفها، بل هو فاشل على نحو مطلق في مقاربته اي ملف من الملفات التي يقول انه يمعن في درسها ومناقشتها.