مَن يدفع ثمن المكابرة التي يمارسها التيار الوطني الحر بوجه إجراءات حكومة تصريف الأعمال؟ وعلام المضي بتخيير اللبنانيين بين تسيير امورهم المالية والمعيشية أو التنغيص عليهم ما تبقى لهم من رجاءات في الأعياد المجيدة، كمثل إعاقة قبض العسكريين المساعدة الاجتماعية، فضلاً عن ترقيات الضباط السنوية، ووضع المؤسسة العسكرية امام فراغ في القيادة من خلال شغور مركزين في المجلس العسكري، وعدم توقيع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم قرار قائد الجيش بتأجيل تسريح رئيس الأركان والمفتش العام في المجلس العسكري، فضلاً عن خلافات تطال الأساس بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزراء النائب جبران باسيل حول آلية عمل مجلس وزراء الحكومة المستقيلة.
فالرئيس ميقاتي، كما بات معروفا، يرفض توقيع 24 وزيراً في الحكومة على اي مرسوم، كما يرفض المراسيم الجوالة، ويتجه لعقد جلسة لمجلس الوزراء اذا اقتضت الضرورة، في حين أن وزراء التيار العوني يرفضون عقد الجلسة، ويدعون للاكتفاء بالمراسيم الجوالة التي تحظى بتوقيع 24 وزيراً يقومون مقام رئيس الجمهورية.
والأبرز على هذا الصعيد، رفض وزير الدفاع توقيع مرسوم المساعدة الاجتماعية للعسكريين كما اقر في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، على الرغم من كتاب رئيس حكومة تصريف الاعمال إليه بضرورة توقيع المرسوم ورده اليه ليأخذ طريقه الى التطبيق.
وهكذا، بدأت تفاعلات الخلاف المتصاعد بين الرئيس ميقاتي والنائب باسيل على خلفية دستورية او عدم دستورية عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال، من وجهة نظر محض سياسية للاخير، بعدما استهلها وزير الدفاع موريس سليم برفض التوقيع على مراسيم ترقية الضباط استنادا الى الصيغة المرسلة من رئاسة الحكومة، باتت المشكلة تتمدد بإتجاه الوزارات التي يتولاها الوزراء المحسوبون على التيار، وهي تؤشر الى انعكاسات سلبية على تسيير اوضاع هذه الوزرات وعلى تسيير امور المواطنين وتلبية حاجاتهم الضرورية، وفي مقدمتها وزارة الطاقة، التي تسعى لتأمين سلفات مالية بالدولار الاميركي من المصرف المركزي، لزوم شراء مادة الفيول اويل.
وقد برزت الى الواجهة مشكلة كيفية اعتماد الالية المطلوبة، لانجاز تلك السلفات المالية، وتحييدها قدر الامكان عن الاشتباك السياسي الحاصل، في ظل عقبات حكومية وادارية برزت بالساعات الماضية، جراء الخلاف الحاصل، اتبعت بسلسلة اتصالات لتطويقها ومنع مضاعفاتها، لئلا تنعكس ضررا بالغا على اعاقة عملية استيراد الفيول أويل، وعرقلة وعود الوزارة للمواطنين، بزيادة التغذية بالتيار الكهربائي ابتداء من العام المقبل، ما يزيد في معاناتهم جراء ذلك، مع تدني درجات الحرارة.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء غير معلوم وإن الانزعاج الذي عبر عنه الرئيس ميقاتي مرده إلى عدم رغبته في شل عمل المؤسسة الدستورية. وقالت المصادر أن الأشتباك الوزاري الحاصل يعرقل عمل الحكومة والقرارات التنفيذية الواجب صدورها عنها ، مكررة رفض الرئيس ميقاتي للمراسيم الجوالة .
وأشارت إلى ان هناك ملفات لا تحتمل التأجيل وتنتظر البت في المجلس، لكن أي جلسة متوقعة ، تسبقها اتصالات لتأمين انعقادها وتوفير النصاب لها .
وعلى هذا الصعيد، قال المستشار الاعلامي لرئيس الحكومة فارس الجميّل، أنه «لا توجد أزمة دستورية بل سياسية، وما قام به وزير الدفاع مخالف للدستور». واوضح أنّ «قرار وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، بما يخصّ المساعدة الاجتماعية للعسكريين هدفه تعطيل القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء، والرئيس نجيب ميقاتي كان حاسماً بموضوع رفض المراسيم الجوّالة»، كاشفاً أنّ العسكريين لن يقبضوا المساعدة الاجتماعية لأنّ وزير الدفاع لم يُوقّع المرسوم.
وأشار إلى أنّه عند الحاجة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في ظروف إستثنائية كالتي نمرّ بها، سيقوم ميقاتي بواجبه وسيدعو لجلسة.
وكان وزير الدفاع قد اعلن انه وقع مرسوم المساعدات الاجتماعية لكن بصيغة اخرى بحيث انه يتضمن توقيع 24 وزيراً وليس وزيرا الدفاع والمال ورئيس الحكومة فقط.
وعلى مرأى ومسمع امين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، وعدد من الشخصيات الاقتصادية العربية، التي شاركت في «منتدى الاقتصاد والاعمال» جن جنون الدولار (تجاوز الـ26 الف ليرة) واسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، والمحروقات، التي زادت امس خمسة آلاف ليرة، على حاله في ظل عجز حكومي وسياسي تام عن اي معالجة، بل العكس فالخلاف والسجالات استمرت حول آلية توقيع مراسيم الحكومة، فيما السوق متروك على الغارب للمتحكمين به من تجار وشركات ومضاربين، والمواطن يئن ولا من يسمع انينه.
وعليه، وبعد التحذيرات من انقطاع حليب الاطفال والادوية من الصيدليات، طالب نقيبا الصيادلة والشركات المستوردة للأدوية في لبنان، بضرورة «إصدار وزارة الصّحة العامة مؤشرا أسبوعيا للأسعار، عملًا بالقرارات الوزارية المعنيّة، وذلك عطفًا على معضلة انقطاع الادوية الناتجة عن تقلبات سعر صرف العملة الوطنية». واعتبرا أنّ «عدم الأخذ بهذا الموضوع الفائق الأهمية سيؤدي الى عدم تأمين استمرارية تزويد السوق بالدواء، وحتمًا إلى تعثّر المؤسسات الصيدلانية عامة، وإلى عجزها عن متابعة تلبية حاجات المرضى اللبنانيين».
وأوضحا، في بيان مشترك، أنّ «موضوع تحديث جداول اسعار الأدوية، لا يتعلّق فقط بالعملية المالية او بمؤشرات الرّبح والخسارة، بل هو يهدّد قدرة المؤسسات الصيدلانيّة كافّة على الاستمرار. فإذا استمرّت هذه المؤسّسات ببيع الدّواء على سعر صرف منخفض كما هو الحال اليوم، فهي لن تعود قادرة على تجديد مخزونها. وإنّ تكرار هذه العمليّة سيؤدّي إلى عواقب وخيمة، منها الإفلاس الحتميّ للمؤسّسات الصّيدلانيًّة وتوقّفها التّامّ عن العمل».
واعلن وزير الصحة الدكتور فراس ابيض لاحقاً في حديث صحفي عن تلبية مطلب النقيبين بإصدار مؤشر اسبوعي بالاسعار.
حركة ابو الغيط
وسط ذلك، فقد استقبل الرئيس ميقاتي ابو الغيط في السراي الحكومي، في حضور الامين العام المساعد للجامعة حسام زكي والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية ومستشار الرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر.
وفي خلال اللقاء، ثمّن الرئيس ميقاتي»دعم ابو الغيط المستمر للبنان والجهود التي تبذلها الجامعة العربية لتعزيز العلاقات العربية - العرببة، ولا سيما العلاقات اللبنانية - العربية. ونوّه بحرص الامين العام على لبنان وبالكلمة التي القاها في «منتدى الاقتصاد والاعمال»، وشدد فيها على أن لبنان لا يتحمل شغوراً رئاسياً طويل الامد، ودعا الى اقرار التشريعات التي تصون لبنان وتحمي ثرواته من الكثير مما شهدته مجتمعات أخرى».
بعد اللقاء أدلى ابو الغيط بالتصريح الاتي: لبنان يمر في وضع سياسي واقتصادي صعب للغاية ومعقد، ولكن الخروج منه متاح والإمكانيات موجودة لتحقيق هذا الامر،كما قلت في كلمتي صباح اليوم (أمس) في المؤتمر».
وزار ابو الغيط لاحقاً، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وتداول معه في التطورات المحلية والاقليمية. وقال بعد اللقاء: تم الحديث في مجمله على الوضع اللبناني وعلى كيفية الخروج من هذا الوضع الإقتصادي السياسي المأزوم، وتركز الأمر على إنتخاب الرئيس اللبناني القادم وشرح لي سيادته كل الآليات المتاحة وما قام به هو شخصيا من جهد لتأمين الخروج من هذا الوضع.
سئل ابو الغيط: الى متى لبنان ليس على الأولوية العربية؟ وهل هناك من مبادرة عربية في موضوع الرئاسة ؟ فاجاب: هناك الكثير من الاحتمالات ولكن لا استطيع ان اتحدث في شيء محدد حالياً.
وكان ميقاتي قد طالب «المسؤولين كافة بأن يترفّعوا عن مصالحهم الضيّقة وبأن يبدوا المصلحة العامة ويعزّزوا القواسم المشتركة. وأشار إلى أن لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم». مضيفاً: في حال تحقّق السيناريو السياسي - الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 تحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة».
لقاءات واشنطن
وفي واشنطن، اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب مع نائب مساعد الرئيس الاميركي جو بايدن ومنسق مجلس الامن القومي للشرق الأوسط وشمال افريقيا بريت ماكغورك، بحضور كبير مستشاري الرئيس لأمن الطاقة آموس هوكشتاين في المكتب التنفيذي في البيت الأبيض، حيث تم البحث في استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية والفراغ الرئاسي، وأفق الوضع السياسي في لبنان.
واكد ماكغورك خلال اللقاء «أن ليس لواشنطن مرشح للرئاسة، وهي تشجع النواب والقيادات السياسية لانتخاب رئيس في اسرع وقت كي يستعيد لبنان عافيته».
من جهته، اشاد هوكشتاين بالمستجدات المتعلقة بملف الكهرباء خصوصا زيادة التعرفة والاعلان عن الهيئة الناظمة، معتبرا ان المضي قدما بخطة استرداد التكلفة ستحمل مجلس ادارة البنك الدولي لمناقشة المشروع واقراره بدعم اميركي وفرنسي. كما حثّ هوكشتاين المسؤولين اللبنانيين البناء على الزخم الإيجابي الذي افرزه اتفاق ترسيم الحدود البحرية والعمل لأجل تمويل مشروع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، ما يسمح في حال تحقيقه بدء وصول الغاز المصري الى لبنان قبل انتهاء الربع الأول من العام الجديد.
وطرح بو حبيب ملف النازحين السوريين في لبنان، و»ضرورة تغيير مقاربة المجتمع الدولي التي ترمي عبء استضافتهم إلى أجل غير محدد على لبنان المنهك أصلا بأزماته»، وقال: بالنسبة للبنان هي ليست أزمة تمويل بل أزمة خطر وجودي يهدّد هوية الوطن والتوازن الدقيق لمكونات النسيج اللبناني.
وطلب بو حبيب من واشنطن دعم الحوار الذي يجريه لبنان بهذا الشأن مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومع بقية الشركاء الدوليين.
وقد أبدى الجانب الاميركي تفهمه ووعد بدراسة عودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين الى بلادهم.
حركة جنبلاطية باتجاه
معراب وميرنا شالوحي
في هذا الوقت، لاحظت مصادر سياسية ان النائب السابق وليد جنبلاط بدأ حركة اتصالات باتجاه معراب، حيث اوفد النائب وائل ابو فاعور الى هناك، للاجتماع مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ويتجه هو، اي جنبلاط، لعقد لقاء مع باسيل، على مأدبة غداء اليوم او غداً للبحث في المستجدات المنتظرة.
وعقب الاجتماع المطوّل الذي استمر لمدّة ساعة ونصف الساعة، وضع أبو فاعور اللقاء في» إطار الحرص الدائم على التشاور مع الدكتور سمير جعجع في جميع الاستحقاقات». وقال: «تداولنا في الموضوع الأساسي الذي هو انتخابات رئاسة الجمهوريّة، الذي هو استحقاق يجب أن إنجازه في أقرب وقت ممكن».
اضاف: ان الآلية الدستوريّة، بما يعني جلسات مجلس النواب، مستمرّة إلا أنها باتت مدعاة سخرية لدى المواطن اللبنانيّ عندما يرى ما هو حاصل في مجلس النواب، فالجلسات تعقد الواحدة تلو الأخرى ولا نصل إلى أي نتيجة، من هنا ضرورة فتح أبواب الحوار الموصدة بين اللبنانيين والكتل النيابيّة بغية الوصول إلى تفاهم على إسم الرئيس القادم وعلى البرنامج في مرحلة لاحقة، سواء بشكل الحوار الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري أو بأي شكل آخر من أشكاله.
«الدستوري» يرد طعنين
وأعلن رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب أنّ «المجلس ردّ الطعنين المقدمين من قبل جاد غصن في المتن وحيدر عيسى في عكار، وتم تثبيت نيابية رازي الحاج (عضو كتلة القوات اللبنانية)، وبالتالي نيابية نائب عكار العلوي احمد رستم.
وقال مشلب في مؤتمر صحافي: إن طعن النائب فيصل كرامي هو مسألة حساب أصوات كما اعتمد في المتن وعكار، وأن همّنا كان احتساب الأصوات فقط، وفي المتن وغيرها كان همنا فقط اعادة احتساب الاصوات ولا علاقة لنا بالبازار والكلام السياسي.
أما بالنسبة لقانون السرية المصرفية، فأشار طنوس إلى أن «البنود واضحة وليس فيها ابهام، ولكن حذفنا جملة واحدة منها لأن مجلس النواب لم يصوّت عليها.
وجرى تداول معلومات عن إصدار نتيجة الطعن بقانون الموازنة بعد عيد رأس السنة.
وتوجه تكتل «الاعتدال الوطني»، في بيان، بـ»التحية للمجلس الدستوري الذي رد الطعن بنيابة النائب أحمد رستم»، مثنيا على دور «القضاة الدستوريين الذين حكموا ضميرهم الوطني إحقاقا للحق وبعيدا من اي تدخل وضغط سياسي، فحافظوا على أصوات الناس التي قالت كلمتها في صناديق الاقتراع في أيار الماضي».
واذ شكر «التكتل» كل الجهات والأصدقاء الذين اتصلوا بأعضائه بعد صدور القرار، عاهد «ابناء عكار والشمال، مواصلة العمل يدا واحدة لما فيه مصلحة هذه المنطقة وأهلها».
وعلى الخط الاقتصادي – النقدي، وفيما اسعار صرف الدولار على ارتفاعها، ارتفعت اسعار المحروقات. وفي السياق، قال النائب هادي ابو الحسن إنّ «عصابات معروفة تقوم بشراء الدولار من السوق المحليّة وبكميات »مخيفة» وتهربه الى سوريا عبر الحدود البريّة»، مطالبا القضاء الذي يتحرّك باستنسابيّة، وبإيعاز من رئيس تيار معروف، على حدّ قوله، «بالتحرك فورا للجم هذا التفلت الذي يحصل على مرأى من الجميع، خصوصا أنّ هذه الظاهرة خطيرة وتطال الشعب اللبناني بأكمله».