أبرز ما تناولته صحف اليوم الجمعة ٩ كانون الاول


كتبت النهار

سيكون ضرباً من المكابرة إنكار الفائدة الكبرى التي وفّرها انفجار موجة السخط العوني على "حزب الله" بكل تعبيراتها السياسية والإعلامية، ليس لجهة تنامي احتمالات انفراط تفاهم التعطيل الذي يجسده تحالفهما وانما لجهة تسليط الأضواء الكاشفة على حقيقة مَن يمسك باللعبة السلطوية في البلاد. صبَّ العونيون ومعهم بعض من أصوات خصومهم المسيحيين أيضا جام غضبهم على معادلة تتجاهل المكوّن المسيحي في انعقاد مجلس الوزراء وتتكئ على مسيحيين "ملحقين" لدى زعامات إسلامية. هو منطق مبرر فعلا متى لم يكن الخلل الجذري أساسا هو الذي يتحكم ببقايا السلطة القائمة بعد العهد السابق بحيث كشفت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اكثر الوقائع الفاضحة لهذا الخلل، وهو ما سيتعين على القوى المسيحية الأخرى، وتحديدا "القوات اللبنانية" والكتائب، ان تراجعه بدقة متناهية بعد الآن والتهيؤ للعهد الآتي.

هاجم المهاجمون "حزب الله" وعبره الرئيسين بري وميقاتي على قاعدة تجاهل الركن الميثاقي الأساسي في عقد جلسة لم يحضرها ثمانية وزراء للتيار العوني، فيما "عوقب" الوزير الزحلي الأرمني لانه تمرد على قرار الطاشناق. والحال ان تحرك الهاجس الأقلوي والضرب على وتر الإخلال بالميثاقية والتحريض على زعامات يُفترض انها معنية بحماية ميراث الطائف مثل الرئيسين بري وميقاتي ووليد جنبلاط، ينبغي ألّا يمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يكن سوى عاصفة جبران باسيل مع "حزب الله". ان الضرب على وتر الاخلال بالطائف عبر الحكومة الحالية سيغدو سلاحا بالغ الخطورة كلما تمادى زمن الفراغ الرئاسي لانه سيشكل عامل إذكاء متعاظما ومتضخما للبُعد الطائفي المسيحي، وسيكون عامل شلّ حتمي لجلسات مجلس الوزراء حين تملي فعلا الضرورات القصوى انعقادها بما يؤدي الى تفاقم أزمات البلاد وانهياراتها.

ولقد كشفت واقعة جلسة مجلس الوزراء الأخيرة المدى البالغ الخطورة فعلا لامتلاك طرف مسيحي وحيد تسعة وزراء، بما يعني ان التيار العوني الذي يتقن ببراعة اللعبة الشعبوية والذي يظهر نفسه الآن ضحية طعنه "بخيانة" حليفه وحلفاء حليفه كان ولا يزال واقعيا اكبر المتحكمين بالقرارات الحكومية نظرا الى امتلاكه الثلث المعطل زائدا واحدا، ونظرا الى احتكاره الحصة المسيحية الأكبر في الحكومة. هنا تكمن مسؤوليات كبرى على القوى المسيحية الأخرى لان الخصومة والمعارضة تتبخر في لحظة واحدة حين يضرب نفير الاستنفار الطائفي و"غيرة الدِّين" بأبواقه كما جرى ويجري بعد واقعة الجلسة الحكومية الأخيرة. وأما حراس الطائف الغيارى عليه أينما كانوا وفي أي موقف يقفون من مجريات هذا الصخب، فيفترض ان يظهروا سلوكيات مغايرة عن توظيف تصفية الحسابات السياسية حين يتصل الامر فعلا باظهار تجاوزات وانتهاكات للدستور والطائف لئلا ينتصر المنطق والخطاب الشعبوي إياه.

لقد تضاربت الحقائق الموضوعية في ما فجّرته الجلسة الحكومية ببعضها الى حدود تضييع الناس بما يملي على القوى المعارضة سلوكيات جراحية حقيقية في أي تعامل بعد الآن مع جلسة حكومية او نيابية لا يفيد منها تحالف التعطيل الباقي بقاء الازمة وأبعد. كما ان مَن يندرجون او يدرجون انفسهم في خانة الزعامات والقوى الحريصة على الطائف لا يمكنهم تجاهل الخطورة القصوى التي يرتبها أي استغلال لتصفية الحسابات مع العهد السابق ووارثه في زعامة التيار العوني، فيظهر الامر استعادة لأسوأ هواجس المسيحيين حيال الترويكا والعصر السوري وما اليهما من "لوازم" للشحن الطائفي. لقد بلغ الامر منتهى من الهرولة نحو تجاوز ازمة الفراغ الى ذاك الشيء الاشد خطورة... فحاذروا!