يستفيق لبنان اليوم في 1 ت2، على بعد أسابيع ثلاثة من عيد الاستقلال الـ79، على واقع متكرر، لا رئيس جمهورية، وسط خلاف غير مسبوق على ولاية المادة الـ62 من الدستور، التي تنص بوضوح: «في حال خلّو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء»، مع الإشارة الى ان لبنان بدءاً من اليوم سيكون في عهدة حكومة تصريف الاعمال، مع حرص دولي وعربي واقليمي على الاستقرار العام في البلد، لا سيما في مجالي الامن والنقد.
وبعدما انتهت ولاية رئيس الجمهورية يتم صباح اليوم اقفال مكتب الرئيس وقاعة مجلس الوزراء والقاعات في كافة الجناح الرئاسي للقصر الجمهوري كما يتم إنزال العلم، وبدءا من هذا اليوم يدخل الشغور إلى موقع الرئاسة الأولى على أن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية تواصل مهامها ويزاول الموظفون نشاطهم كما هي العادة اليومية.
ووجه الاشكال من جانب فريق الرئيس المنتهية ولايته ليس النص بحدّ ذاته، بل هل يمكن لحكومة تصريف الاعمال ان تناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية؟
في مطلق الاحوال، حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ماضية في تصريف الاعمال وادارة الدولة، وهو توجه امس الى الجزائر لتمثيل لبنان في القمة العربية، ومعه ضمن الوفد الرسمي الوزيران عبد الله بو حبيب ووليد فياض، الذي اصطحبه ايضاً لبحث شراء الفيول، بطرق ميسرة من الجزائر، ضمن خطة الحكومة لتزويد المواطن بتغذية كهربائية بين 8 و10 ساعات يومياً، حالما تنجح المناقصة المعلن عنها لشراء الفيول بتمويل من مصرف لبنان، بما قيمته 150 مليون دولار، بالتزامن مع رفع التعرفة بدءاً من الاول من هذا الشهر، على ان يكون الاستيفاء أوائل كانون الثاني 2023.
ولعل الاغرب في الامر، الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب بعد غد الخميس «لتلاوة رسالة فخامة رئيس الجمهورية» حسبما جاء في الدعوة التي وجهها الرئيس نبيه بري الى النواب. فكيف تتلى رسالة تطلب نزع التكليف من رئيس الحكومة، والتكليف بات بحكم الملغى واقعياً، اذ لا رئيس للجمهورية ليصدر المراسيم مع رئيس الحكومة، وبالتالي ما الجدوى من الاستماع الى رسالة رئيس للجمهورية غادر موقعه، وأصبح رئيساً سابقاً؟
إذاً، انتهى عهد ومرحلة، مخلفاً وراءه اشكاليات واستحالات دستورية وضعت البلد امام مخاطر عدم الاحتكام لأية مرجعية مجمع عليها، كما الحال بالنسبة لدستور الطائف، الذي معه انتظمت الحياة السياسية والنظامية، وأعيد بموجبه وضع لبنان على خارطة دول العالم، لجهة النمو والدور والمكانة في العقدين الاولين من تطبيق الطائف.
مناورة عونية فاشلة
وقبل إسدال الستارة على العهد المنصرم، لجأ الرئيس عون الى مناورة، لم يكتب لها النجاح، اذ اوفد المدير العام في القصر الجمهوري انطوان شقير الى السراي الكبير والتقى بالرئيس ميقاتي قبل سفره، عارضاً عليه اصدار مراسيم الحكومة كما هي، لكن الرئيس ميقاتي سأله عما اذا كان التيار الوطني الحر سيمنح الحكومة الثقة، فلم يجب شقير، الامر الذي حدا بالرئيس ميقاتي إبلاغه أن الطائرة تنتظره للمغادرة الى الجزائر، شاكراً له «مهمته المرفوضة».
وعليه، لم يبق في الأفق الا السعي الجدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يضع انتخابه البلد على سكة جديدة، وصحيحة، وإن كان الرئيس المنتهية ولايته يعتبر ان انتخاب رئيس جديد يحتاج الى توافق بين القوى السياسية، لكن الامر بعيد المنال حالياً..
نيابياً، بعد دعوة بري، غرّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل عبر حسابه على «تويتر»، كاتباً: «المـــادة 75 ، إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي عمل آخر».
وفي حال التأمت الجلسة برغم الالتباس الدستوري حول انعقاده، ستتم مناقشة الرسالة ويتخذ النواب موقفاً أو قراراً منها سواء بالقبول Bو الرفض او اي آراء أخرى. وربما يتخذ موقف «اخذ العلم» فقط من دون قرار باعتبار ان صاحب الرسالة انهى ولايته الرئاسية ما يثير ايضاً التباساً دستورياً حول ضرورة اوعدم ضرورة مناقشة الرسالة واتخاذ قرار، وقد حصلت سابقة في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري, على ما قالت مصادر نيابية.
بينما ما وصف بأنها رسالة من الرئيس ميقاتي فهو توصيف خاطئ حيث لا ينص الدستور على حق رئيس الحكومة بتوجيه رسالة الى المجلس بل هو كتاب علم وخبر ان حكومته ستبقى في حالة تصريف الاعمال برغم الشغور الرئاسي وعدم تشكيل حكومة جديدة. لكن لميقاتي حق مناقشة رسالة عون وابداء رأيه فيها.
عون: العرف يُخرق
وفي موقف جديد له، اكد الرئيس ميشال عون في حديثٍ لـ«الأنباء الكويتية» ان «توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، أمر لا يتعارض مع مواد الدستور، وقد تم اتباع عرف بوجوب قبول الاستقالة عند تشكيل حكومة جديدة لإصدار مراسيمها، الا ان الأعراف يمكن ان تخرق، فيما لا يمكن المساس بمواد الدستور» .
وقال: ما تشديدي على هذه النقطة إلا للإضاءة على حقيقة مرة مفادها انه في ظل عدم التوافق على شخصية لتخلفني في موقع الرئاسة، لا يمكن لحكومة تصريف أعمال ان تقوم بالمهام المطلوبة منها في ظل الفراغ الرئاسي، وسيكون المشهد سيئا جدا في هذه الحالة.
أضاف: سبق وقلت، احتفظ لنفسي بكل الخيارات المتاحة لتفادي المشهد السيئ الذي ينتظرنا في الآتي من الأيام، وسقف هذه الخيارات هو الدستور بطبيعة الحال الذي أقسمت على الحفاظ عليه، وليس من عادتي ان أخلف بقسمي، منذ كنت شابا في المؤسسة العسكرية التي قضيت فيها معظم حياتي، وحتى ما بعد انتخابي رئيسا للجمهورية، هذه طبيعتي وهذه قناعاتي، ولن أحيد عنها.
وتابع: من الطبيعي بعد انتهاء ولايتي الرئاسية، ان أتحرر من المسؤوليات التي تترافق مع المنصب الرسمي، مع ما اكتسبته من خبرة كرئيس للجمهورية على مدى ست سنوات. بعد الرئاسة، سأعود الى ما كنت عليه قبلها، لقد ناضلت طوال حياتي من أجل بلدي وشعبي، ولن أتوقف، هذا عهد آليته على نفسي وسأعمل به طالما انا على قيد الحياة.
واكد عون ان «لبنان حريص على الإبقاء على بعده وهويته العربيين».
وفي آخر نشاط رسمي له امس قبل نهاية ولايته منتصف الليل، استقبل الرئيس عون، الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرانكوفونية لويز موشيكيوابو، واكد لها «أنّ اعتماد بيروت مقرا للمكتب الاقليمي في الشرق الاوسط للمنظمة، دليل آخر على ثقة العالم بلبنان، وتأكيد على دور لبنان الثقافي والحضاري في محيطه والعالم.
ميقاتي الى الجزائر
الى ذلك، وصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عصر امس، إلى الجزائر من أجل تمثيل لبنان في القمة العربية في دورتها الحادية والثلاثين التي ستعقد اليوم وغداً.
واقيمت للرئيس ميقاتي في المطار مراسم الاستقبال الرسمية، تلتها خلوة بين الرئيس ميقاتي والوزير الاول في الجزائر ايمن بن عبد الرحمن والامين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط، في القاعة الشرفية الرئاسية قبل ان ينتقل الرئيس ميقاتي الى مقر اقامته.
ويضم الوفد الرسمي اللبناني الى القمة وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، السفير اللبناني في الجزائر، مدير القسم العربي في وزارة الخارجية علي المولى، والمستشار الديبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر.
وقد اصطحب الرئيس ميقاتي معه الى الجزائر وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الذي سيجري محادثات مع المسؤولين الجزائريين تتناول التعاون النفطي بين البلدين.
وكان ميقاتي قد اجتمع قبل سفره مع وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية الذي قال في تصريح: اجتمعنا بناء على القرار الأخير الصادر بتشكيل لجنة برئاسة وزير الأشغال العامة والنقل وعضوية الوزارات المعنية بعملية ترسيم الحدود من الجهة الغربية والشمالية مع كل من قبرص وسوريا.
أضاف: حصل إجتماع في وزارة الأشغال العامة والنقل وكان استكمالا للاجتماع الذي حصل في القصر الجمهوري قبل ظهر يوم الجمعة الماضي، ووضعت الرئيس ميقاتي في تفاصيله وفي القراءة الأولية لما حصل منذ أكثر من ١٥ عاما بالنسبة لموضوع الترسيم مع قبرص ومع سوريا.
وقال: سأدعو اللجنة بكل وزاراتها المعنية بالترسيم للاجتماع، وستتم مقاربة الأمور بشكل هادىء مع قبرص وسوريا ولصالح جميع البلدان، قبرص، سوريا ولبنان وفق القوانين العالمية ووفق القانون اللبناني. ولن نتسرع في هذا الموضوع مباشرة هذا الأسبوع والأسبوع المقبل، بل سنأخذ وقتنا للقيام بقراءة عملية ترضي كل الأطراف.
ورأس رئيس الحكومة اجتماعا ضم نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال يوسف الخليل، المدير العام لوزارة المال جورج معرّاوي، ومستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس، والمستشار الاقتصادي سمير ضاهر. وتم في خلال الاجتماع استكمال البحث في اعداد موازنة العام 2023.
كما التقى ميقاتي قائد الجيش العماد جوزاف عون وبحث معه الوضع الامني ووضع المؤسسة العسكرية.
هل تحصل ازمة غاز؟
على الصعيد المعيشي، سجلت اسعار المحروقات امس تراجعا. فيما ذكرت بعض المعلومات ان وزير الطاقة والمياه وليد فياض أبلغ مؤسسة كهرباء لبنان عصر امس،، باعتماد التعرفة الجديدة للكهرباء ابتداء من اليوم الثلاثاء.
في غضون ذلك، اعترض رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون، في بيان على «استمرار وزير الطاقة وليد فياض في عدم التزامه بصدور جدول تركيب الاسعار باكرا صباحا مما يخلق فوضى وارباكا في سوق توزيع الغاز ويلحق خسائر لدى الموزعين».
وقال: أن هذا اسلوب اللامبالاة في العمل في مصالح الناس والدولة يزيد من معاناة المواطنين، بدلا من العمل لخدمتهم وتسهيل امورهم الحياتية، مع ان الحلول بسيطة، ولكن الوزير فياض يرفض العمل عليها لأسباب نجهلها.
واكد «أنّ هذا الأمر أصبح غير مقبول ويتطلب تدخلا من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ومن نواب الامة لمساءلة فياض عن تقاعسه في اتمام واجباته الادارية، وعدم سعيه لتسهيل امور العاملين في هذا القطاع خصوصا وان تحت سلطته مديرية عامة للنفط ما عليها سوى إعطائها تعليماته بضرورة صدور جدول تركيب الاسعار صباحا باكرا».
وختم زينون محذراً: ننتظر للمرة الاخيرة وجوب معالجة هذا الخلل، وإلا، فأننا سنضطر الى اعلان الاضراب العام عن توزيع الغاز في كل المناطق.
وحسب بيان اصدره فياض، فإنه اجتمع برئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن الذي كان في استقبال الوفد اللبناني في مطار هواري بومدين. وأشار فياض إلى أهمية الغاز والنفط في هذا الظرف الدقيق الذي نعيشه عالميا، وموقع الجزائر المهم في المعادلة الجديدة كونها تمتلك معملين كبيرين للغاز المسال، مما يفتح فرصة مجدية لتصدير الغاز المسال الى أوروبا. وأكد فياض دور الجزائر المهم والاستراتيجي الذي يترسخ أكثر الآن في استضافتها للقمة العربية.
كما التقى فياض وزيرة البيئة والطاقات المتجددة سامية موالفي، التي هنأها باستلام المهام الوزارية الجديدة. وتطرق الى أهمية الاستفادة من الطاقة المتجددة التي تشكل كلفة اقل وفاتورة بيئية منخفضة مقارنة مع الأسعار المرتفعة المرتبطة بتصدير الجزائر للغاز المسال الى اوروبا والعالم. ويلتقي فياض في هذه الزيارة، كبار المسؤولين الجزائريين المعنيين في قطاعات النفط والطاقة».
الوضع الصحي
صحياً، وفيما منظمة الصحة العالمية تتحدث عن انتشار الكوليرا في كل المحافظات اللبنانية وبشكل فتاك، اعلنت الصحة اللبنانية في تقرير تسجيل اصابتين جديدتين، خلال الساعات الـ24 الماضية، رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 390 فيما لم يتم تسجيل أي حالة وفاة وسجل العدد التراكمي للوفيات 17.
وعلى صعيد اصابات كورونا، اعلنت وزارة الصحة عن 81 اصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالة وفاة واحدة، ليرتفع العدد التراكمي الى 1218779 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.